لنتأمل هذه المعجزة البيانية في ترتيب الكلمات واستخدامها في القرآن الكريم، عسى أن نتذوق حلاوة الإعجاز……
آيات كثيرة في كتاب الله تعالى نمرّ عليها دون أن ندرك الإعجاز الذي أودعه الله في كلماتها وعباراتها. إن بلاغة القرآن لا يتذوَّقها إلا من أحب القرآن وأصبح هذا الكتاب العظيم كل شيء في حياته! وإنني أقول وبثقة تامة: في كل آية من آيات القرآن هناك معجزة بيانية رائعة، لا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها.
ومن خلال هذه السلسلة من المقالات سوف نرى بلغة “الإحصاء” وبما لا يقبل الشك أن الإعجاز لا يقتصر على علم الفلك أو الطب أو الأرض… بل هناك إعجاز بلاغي محكم يمكن لأي إنسان أن يراه حتى ولو لم يكن يفقه شيئاً من اللغة العربية!
وقد تستغرب عزيزي القارئ من هذا الكلام! فكيف يمكن لإنسان ملحد لا ينطق العربية أن يتذوق بلاغة القرآن وهو لا يؤمن به أصلاً؟ ونقول إنه لن يتذوق حلاوة هذا الإعجاز، ولكن سيراه كما يرى نفسه. لأن الله تعالى لم ينزل هذا القرآن لجماعة من العرب تعيش قبل أربعة عشر قرناً! بل أنزله لجميع البشر ولكافة العصور.
والله تعالى يعلم أنه سيأتي زمن على الناس لن يصبح للبلاغة العربية مكاناً في عقولهم أو قلوبهم، فهل هذا يعني أن المعجزة البلاغية ستتوقف؟ بالطبع لا، لأن الله أودع أشكالاً أخرى من الإعجاز البلاغي يمكن لكل ملحد أن يراه ليكون حجة عليه يوم لقاء الله عز وجل.
سوف نتعمَّق قليلاً في كلمات تدل على اللهو واللعب مثلاً وهي أمور تخص الحياة الدنيا، ونرى كيف تناولها القرآن، وهل يمكن لأكبر أدباء العالم أن يرتبوا مثل هذه الكلمات بنفس هذا الترتيب لتعطي المعنى الدقيق دائماً؟
اللهو والتجارة
لنتأمل أواخر سورة الجمعة حيث يقول تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [الجمعة: 11]. وهنا لو دقّقنا النظر نجد “اللهو” تكرر مرتين ولكن بصيغتين مختلفتين:
– (تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا): التجارة تسبق اللهو.
– (مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ) اللهو يسبق التجارة.
والسؤال: هل هناك حكمة بيانية من هذا الترتيب؟
في بداية الآية نجد أن جماعة من الناس تركوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، وذهبوا عندما سمعوا بقافلة في الخارج، وأسرعوا لينظروا ما فيها من بضائع ليشتروا منها. فنزلت هذه الآيات الكريمات في أواخر سورة الجمعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9]. وهنا تتجلى لطيفة بيانية أخرى في قوله تعالى: (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) لم يقل تعالى: (يوم الجمعة) فقط لأن ذلك سيعني كل أوقات الصلاة في يوم الجمعة أي الصلوات الخمس، بل قال: (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) أي من بعض يوم الجمعة، وحدَّد بذلك وقت محدداً وهو وقت الظهر.
إذاً في بداية الآية هناك حدث وقع وكان سبباً في نزول الآيات وهو القافلة التجارية وذهاب الناس إليها فبدأت الآية بكلمة (التجارة) ثم (اللهو)، لأنهم بعد ذهابهم للقافلة سيشترون بعض الأشياء ومن ثم سيتحادثون ويتلهّون بأشياء دنيوية ويخسرون العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
والآن عندما نتأمل قوله تعالى: (قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ) نجد أن هذا الكلام لم ينزل في طائفة من الناس بل هو موجّه لجميع البشر إلى يوم القيامة، ولذلك بدأ باللهو لأنه هو الأكثر شيوعاً والأكثر تنوعاً ويشمل الغناء والأحاديث اليومية والمسلسلات وكل ما لا نفع فيه.
كلمة (اللعب) في القرآن
تكرر اللعب في القرآن 20 مرة مع مشتقاته، وسبحان الله، عندما تتبَّعتُ هذه الكلمات في كتاب الله وجدتُ شيئاً محيراً، فكل كلمة تختص باستخدام محدد ودقيق، وكأننا أمام برنامج هندسي متكامل، كل كلمة فيه لا تأتي إلا مع كلمة أخرى مناسبة لها، وسنشرح ذلك من خلال الأمثلة.
لقد جاءت هذه الكلمة على 8 صيغ (8 أشكال)، وكل صيغة تختص بالحديث عن شيء محدد، كما يلي:
1- كلمة (نَلْعَبُ) وردت مرة واحدة وجاء استخدامها مع الكفار في قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) [التوبة: 65].
2- كلمة (يَلْعَبْ) وردت مرة واحدة وجاءت فقط في قصة سيدنا يوسف على لسان إخوته، يقول تعالى: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [يوسف: 12].
3- كلمة (يَلْعَبُوا) وردت مرتين، والعجيب أن الآيتين تختصان بالكفار، يقول تعالى:
– (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) [الزخرف: 83].
– (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) [المعارج: 42].
إذاً الآية ذاتها تكررت بنفس الكلمات، ليؤكد لنا الله على ضرورة أن نترك هؤلاء الملحدين ليخوضوا ضد الدين وليستهزئوا ويلعبوا في أفكارهم وكلامهم، فهم لابد أن يلاقوا ذلك اليوم الذي سيكون كالصاعقة بالنسبة لهم.
4- كلمة (يَلْعَبُونَ) أيضاً وردت خمس مرات والآيات الخمسة تتحدث عن الكفار كما يلي:
– (ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [الأنعام: 91].
– (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [الأعراف: 98].
– (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [الأنبياء: 2].
– (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) [الدخان: 9].
– (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) [الطور: 11-12].
أي أن هذه الكلمة خاصة بالكفار لم ترد إلا معهم، وكأن الله يريد أن يعطينا إشارة لطيفة إلى أن الكافر من صفته اللهو واللعب والعبث، أما المؤمن فحياته مليئة بالعمل والجد والأهداف، وهذا هو أساس النجاح في الحياة.
وسبحان الله! لقد خصص الله هذه الكلمة لا تأتي إلا في الحديث عن الكفار والملحدين والمكذبين، لأنه اللعب صفتهم، وسوف يلاقون الله يوم القيامة، ولا أدري ماذا سيكون موقف الملحدين من هذا اللقاء وماذا سيقولون للخالق عز وجل وهم الذين أنكروا الله فكيف سيقابلونه!
5- كلمة (لَعِبٌ) تكررت أربع مرات في القرآن، وسبحان الله جميع الآيات جاءت لتتحدث عن الدنيا! لنقرأ هذه الآيات حيث وردت كلمة (لَعِبٌ):
– (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنعام: 32].
– (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت: 64].
– (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ) [محمد: 36].
– (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) [الحديد: 20].
انظروا كيف ارتبط اللعب هنا بالحياة الدنيا في جميع الآيات حيث وردت هذه الكلمة، ليؤكد لنا الله أن الحياة الدنيا بالفعل هي لعب ولهو.
6- كلمة (لَعِبًا) تكررت أيضاً أربع مرات مثل سابقتها، وهنا نجد إعجازاً مبهراً، ولكن لنتأمل هذه الآيات الأربعة:
– (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة: 57].
– (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) [المائدة: 58].
– (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) [الأنعام: 70].
– (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) [الأعراف: 51].
انظروا معي كيف أن الآيات الأربع تتحدث عن اتخاذ الكفار للدين لعباً، أي أن كلمة (لَعِبًا) تأتي دوماً للتعبير عن دين الكفار وكيف يتخذون الدين والصلاة لعباً، وينبغي أن ننتبه إلى أن كلمة (لَعِبٌ) وردت مع الدنيا وكلمة (لَعِبًا) وردت مع الدين، وكلاهما تكرر أربع مرات، فسبحان الله!
7- كلمة (لَاعِبِينَ) تكررت مرتين في الآيات التالية:
– (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ) [الأنبياء: 16].
– (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ) [الدخان: 38].
وتأملوا كيف أن هذه الكلمة تأتي دوماً في نفس السياق، ولكن جاءت الآية الأولى لتتحدث عن السماء (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ) ولكي لا يظن أحد أن الله قد خلق بقية السموات لعباً، فجاءت الآية التالية لتشمل كل السموات فقال:(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ) فتأملوا هذه الدقة والشمول في تكرار الكلمات.
8- كلمة (اللَّاعِبِينَ) وردت مرة واحدة في قوله تعالى: (قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ) [الأنبياء: 55] والآية جاءت في سياق قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام. إذاً هذه الكلمة خاصة بكلام الكفار في زمن إبراهيم.
اللهو واللعب
وردت عبارة (لَعِبٌ وَلَهْوٌ) و (لَهْوٌ وَلَعِبٌ) أربع مرات في القرآن، والعجيب أنها جميعها تتحدث عن الحياة الدنيا، وجميعها جاءت بتسلسل وتدرج في التأكيد على حقيقة أن الحياة الدنيا هي مجرد لعب ولهو، لنتأمل هذه الآيات الأربع:
1- يقول تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنعام: 32]. تأملوا كيف بدأت هذه الآية بكلمة (وَمَا) وهي كلمة عادية تستخدم للفت الانتباه فقط، حيث أراد الله أن يلفت انتباهنا إلى أن الدنيا هي مجرد لعب ولهو.
2- يقول تعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت: 64]. وهنا جاء اسم الإشارة (هَذِهِ) ليلفت الانتباه أكثر فهو يتكلم عن حياتنا الدنيا التي نعرفها جيداً والتي نعيشها.
3- يقول تعالى: (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ) [محمد: 36]. وهنا جاء التأكيد بكلمة (إِنَّمَا) ليلفت الانتباه أكثر، فنحن نعلم أن كلمة (إن) حرف تأكيد وبالتالي يجب أن ننتبه إلى أن الحياة الدنيا بالفعل هي لهو ولعب.
4- يقول تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [الحديد: 20]. وهنا نلاحظ أن الآية تبدأ بفعل أمر في قوله تعالى: (اعْلَمُوا) فإذا كانت الآيات الثلاثة السابقة لم تلفت انتباهك ولم تدرك هذه الحقيقة، فالآية الرابعة تأتي لتقول لك بصراحة بل وتأمرك بأن تعلم أن الحياة الدنيا لعب ولهو.
والآن لاحظوا معي هذا التدرج الرائع في مستويات التأكيد على هذه الحقيقة:
1- (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) لفت انتباه وإشارة عادية.
2- (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) إشارة أكبر .
3- (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) تأكيد.
4- (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) تأكيد أكبر.
والشيء المحير أن هذه العبارة لم ترد في القرآن إلا في هذه المواضع الأربعة وجميعها تتحدث عن الدنيا، ماذا يعني ذلك؟ ليؤكد لنا الله تعالى على حقيقة هذه الدنيا وأنها فعلاً مجرد لهو ولعب. وسبحان الله! نحن نعلم أن الآيات الأربعة حيث ذكر اللهو واللعب نزلت في فترات متباعدة في مكة والمدينة، وبعد ذلك تم ترتيبها حسب ترتيب سور القرآن، فكيف جاء هذا التسلسل العجيب؟
لابد أنه بقدرة الله تعالى، فهو الذي أنزل كتابه وهو الذي رتبه ليكون معجزاً في كل شيء، حتى في ترتيب هذه الكلمات، وهذا الإعجاز يمكن لكل البشر أن يروه ولا أحد ينكره ولا يحتاج لدراسة أساليب البلاغة وقواعد اللغة، بل هو واضح وضوح الشمس، لأن كل كلمة تأتي في سياق محدد وتستخدم استخداماً محدداً من أول القرآن وحتى آخره، فهل هذا العمل بمقدور بشر؟
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل