سوف نعيش مع إعجاز جديد في سورتي الكهف والقلم يؤكد أن كل كلمة قد وضعت بدقة متناهية في كتاب الله….
نتابع رحلة اللطائف العددية في القرآن الكريم وهذه اللطائف يرسلها لنا بعض الإخوة المهتمين بموضوع الإعجاز العددي كمساهمة منهم في إغناء هذا العلم.. نسأل الله أن يتقبل من الجميع وندعو إلى ضرورة التفكر في هذا الكتاب العظيم – كتاب المعجزات – الذي أنزله الله وتحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله.
لطيفة عددية في سورة القلم
إن القاعدة التي نريد تأكيدها هنا تقول بأن كل كلمة في القرآن الكريم قد رتبها الله تعالى بطريقة معجزة لا يمكن لأحد أن يأتي بمثلها، ففي سورة القلم قصة لأصحاب الجنة _ أي البستان _ هذه القصة تتحدث عن فتيان أرادوا أن يحرموا المساكين من المحصول الذي ورثوه من أبيهم وكان رجلاً صالحاً لا ينسى المساكين… ولكن الله لقنهم درساً فأرسل إعصاراً من نار في الليل فأحرق البستان وكان الندم والعذاب وعلموا أن الذي يطعم المساكين هو الله وليس البشر!
يقول تعالى: (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) [القلم: 21-32].
لقد بدأ هذا النص بمناداة بعضهم بعضاً حيث أصروا على عدم إطعام المساكين من كلمة (فَتَنَادَوْا) وينتهي النص في قولهم عند كلمة (رَاغِبُونَ) أما ما قبل هذا النص وما بعده فهو سرد للقصة. ولذلك سوف نكتشف في هذا النص معجزة لا يمكن أن تأتي بالمصادفة.
لنتأمل هذا النص وبالتحديد نتأمل كلمة (أَوْسَطُهُمْ) ودعونا الآن نتساءل: هل من الممكن أن تتوسط كلمة (أَوْسَطُهُمْ) بحيث تأتي هذه الكلمة في وسط كلمات النص القرآني؟ هذا ما سوف نكتشفه بالفعل. فعندما نقوم بعدّ كلمات هذا النص القرآني نجد أن عدد كلمات النص هو 63 كلمة وكلمة كلمة (أَوْسَطُهُمْ) هي الكلمة الوسطى أي يوجد قبل هذه الكلمة 31 كلمة ويوجد بعدها 31 كلمة أيضاً… أي أن كلمة (أَوْسَطُهُمْ) تتوسط النص القرآني فسبحان الله!
لنتأكد من هذه الأعداد ونكتب النص من جديد ونعده كلمة كلمة مع العلم أننا نلحق واو العطف هنا بالكلمة التي بعدها:
1) فَتَنَادَوْا
2) مُصْبِحِينَ
3) أَنِ
4) اغْدُوا
5) عَلَى
6) حَرْثِكُمْ
7) إِنْ
8) كُنْتُمْ
9) صَارِمِينَ
10) فَانْطَلَقُوا
11) وَهُمْ
12) يَتَخَافَتُونَ
13) أَنْ
14) لَا
15) يَدْخُلَنَّهَا
16) الْيَوْمَ
17) عَلَيْكُمْ
18) مِسْكِينٌ
19) وَغَدَوْا
20) عَلَى
21) حَرْدٍ
22) قَادِرِينَ
23) فَلَمَّا
24) رَأَوْهَا
25) قَالُوا
26) إِنَّا
27) لَضَالُّونَ
28) بَلْ
29) نَحْنُ
30) مَحْرُومُونَ
31) قَالَ
أَوْسَطُهُمْ …. تأملوا كيف جاءت كلمة (أَوْسَطُهُمْ) في وسط كلمات النص!!
1) أَلَمْ
2) أَقُلْ
3) لَكُمْ
4) لَوْلَا
5) تُسَبِّحُونَ
6) قَالُوا
7) سُبْحَانَ
8) رَبِّنَا
9) إِنَّا
10) كُنَّا
11) ظَالِمِينَ
12) فَأَقْبَلَ
13) بَعْضُهُمْ
14) عَلَى
15) بَعْضٍ
16) يَتَلَاوَمُونَ
17) قَالُوا
18) يَوَيْلَنَا
19) إِنَّا
20) كُنَّا
21) طَاغِينَ
22) عَسَى
23) رَبُّنَا
24) أَنْ
25) يُبْدِلَنَا
26) خَيْرًا
27) مِنْهَا
28) إِنَّا
29) إِلَى
30) رَبِّنَا
31) رَاغِبُونَ
والنتيجة أن ترتيب هذه الكلمة جاء مطابقاً لمعناها اللغوي، فهذه الكلمة تعني الوسط وجاءت في وسط كلمات النص.. والسؤال من جديد: من الذي رتب كلمات النص القرآني بهذه الطريقة المذهلة؟ أليس هو الله تعالى القائل: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة: 23].
من لطائف سورة الكهف
هناك نص قرآني في سورة الكهف يتحدث عن صاحب الجنتين أي البستانين، هذا الرجل أنعم الله عليه ورزقه ولكنه طغى وجحد فأهلكه الله تعالى ليؤكد لنا البارئ عز وجل أن المال هو مال الله والرزق هو لله.. ولا شيء يدوم إلا الله تعالى.
لنتأمل كيف وصف الله لنا هاتين الجنتين بطريقة رائعة فقال: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا) [الكهف: 32-33]. وهنا دعونا نتأمل كلمة (بَيْنَهُمَا) أي بين الجنتين ونتساءل كما فعلنا في المثال السابق: هل من الممكن أن تأتي هذه الكلمة بين كلمات النص في المنتصف بما يتفق مع معناها اللغوي؟
العجيب أننا إذا قمنا بعدّ كلمات النص القرآني سوف نجده يتألف من 25 كلمة وكلمة (بَيْنَهُمَا) يأتي ترتيبها بين كلمات النص في المنتصف تماماً! حيث نلاحظ أن قبل هذه الكلمة يوجد 12 كلمة وبعدها يوجد 12 كلمة بالتمام والكمال فسبحان الله! دعونا نتأكد من هذه الحقيقة الرقمية من خلال كتاب النص كلمة كلمة:
1) وَاضْرِبْ
2) لَهُمْ
3) مَثَلًا
4) رَجُلَيْنِ
5) جَعَلْنَا
6) لِأَحَدِهِمَا
7) جَنَّتَيْنِ
8) مِنْ
9) أَعْنَابٍ
10) وَحَفَفْنَاهُمَا
11) بِنَخْلٍ
12) وَجَعَلْنَا
بَيْنَهُمَا …… تأملوا كيف جاءت كلمة (بَيْنَهُمَا) في وسط كلمات النص!!
1) زَرْعًا
2) كِلْتَا
3) الْجَنَّتَيْنِ
4) آتَتْ
5) أُكُلَهَا
6) وَلَمْ
7) تَظْلِمْ
8) مِنْهُ
9) شَيْئًا
10) وَفَجَّرْنَا
11) خِلَالَهُمَا
12) نَهَرًا
ولو تأملنا كلمات القرآن الكريم وجدنا أن كل كلمة قد رتبها الله تعالى بطريقة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها وبما يشهد على إعجاز هذا الكتاب العظيم.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل