هذا العمل قم به ولو مر في العمر سيكون خيرٌ لك من الدنيا وما فيها… سنتأمل اليوم هذا الحديث الذي غفل عنه معظم الناس وهو من أهم الأعمال في هذا العصر….
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كثير من الناس اليوم لا يشعر بالسعادة ويشعر أنه يلهث وراء الدنيا من دون فائدة ويشعر بالتعب ويشعر أن الوقت مضغوط ويمشي بسرعة ولا يشعر بحلاوة الإيمان.. يصلي ولايشعر بشيء.. يستمع إلى القرآن ولا يحس بشي.. لماذا فقدنا هذه الأحاسيس؟
لأننا غفلنا عن قضية مهمه جداً وهي مهمة الأنبياء.. المهمة التي جاء من أجلها الأنبياء وهي الدعوة الى الله سبحانه وتعالى.. النبي عليه الصلاة والسلام يذكرنا ويقول لنا: “لأن يهدي الله على يديك رجلاً“ رجل واحد تصور أن يهديه الله بسببك.. قد يكون بسبب مقطع فيديو أرسلته له.. قد يكون بسبب نصيحه أديتها له.. قد يكون بسبب معاملتك الصادقة معه.. وسائل الهداية كثيره جداً… “فإذا ضمنت أن يهدي الله رجلاً واحداً على يديك خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس وما غرب“ صلى الله عليه وسلم.. طبعاً هذا الحديث رتبته حسن وهو في الجامع الصغير.. هذا الحديث له إشارة في القرآن {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل:125] {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104] {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} [فصلت:33].. ما معنى أن تدعو ألى الله؟
أن تكون مثل الشمعة المضيئة.. مثل النور الذي يهتدي به الناس في ظلمات هذا العصر.. اليوم بالنسبة لكل إنسان غافل عن الله هو مثل الأعمى الذي لا يبصر ولا يهتدي ولا يرى أي شيء.. يسير في ظلام وهو أعمى.. أنت إذا رأيت شخص أعمى يسير باتجاه حفرة من حفر النار تتركه هكذا؟ إنسانيتك لا تسمح بذلك.. فطرتك السليمة لا تسمح بذلك.. تجد نفسك لا شعورياً قبل أن تسأل عن دينه.. عن مذهبه.. عن عقيدته.. هل هو خير أم سيء؟ هل هو مثلاً إنسان شرير أم إنسان صالح؟ أنت بفطرتك تندفع لتدله على الطريق الصحيح وتنقذه من هذه الحفرة.
اليوم أنت ترى كثير من الناس من حولك يمارسون الغش والنميمة والفواحش والأفلام الإباحية وما حرَّم الله والرِبا والكثير من الكبائر.. تجد واحد لا يصلي لا يصوم لا يذكر الله قد يكون ملحداً.. قد يكون لا يعترف بوجود إله للكون.. نحن نرى اليوم من حولنا كثير من هؤلاء في كل مكان في كل دول العالم ليس من الضروري في ما يسمى بالبلاد الحادية.. لا، في كل مكان هذه الظاهرة موجودة.. أنت كإنسان مسلم ألا تشعر بأن عليك مسؤولية أن تدل هذا على الطريق الصحيح؟ هذا الإنسان الغافل عن الله.. هذا يسير باتجاه حفرة من حفر النار.. يسير باتجاه جهنم والعياذ بالله.. طيب أنت أكرمك الله وأعطاك معلومات هداك بها إلى الطريق الصحيح.. فرض عليك يعني شيء مفروض عليك أن تدله على الطريق الصحيح لأنه أعمى.. هو أعمى في هذه الدنيا لا يرى ولا يبصر الحق فأنت يجب أن تُبَصره بالحق وأن تدله على الخير وتدله على الطريق الصحيح وهو حر إذا أحب أن يستمر فليستمر ولكن تؤدي مهمتك.
النبي عليه الصلاة والسلام لماذا بعثه الله؟ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا*وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب:45-46] تنير الطريق أمام هؤلاء الذين فقدوا أبصار الحق وتدلهم على طريق الهدى والنور واليقين وترشدهم إلى طريق الجنة.
وبالتالي يجب أن تتذكر هذا الحديث:” لأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس“ في رواية أخرى “خيرٌ لك من حُمر النعم“ هذه وسائل فاخرة كانت من وسائل ركوب الإبل هذه الحُمر النعم الإبل النادرة ومرتفعة الثمن.. كان لها شأن عند العرب.. “خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس” خيرٌ لك من الدنيا وما فيها.. تخيل هداية رجل واحد أفضل من أن تمتلك الكرة الأرضية بما فيها لأن هذه الدنيا ستزول وستغادر هذه الدنيا ولن تأخذ معك شيئاً إلا العمل الذي قمت به.. بينما هدايتك لشخص تبقى وتشفع لك أمام الله وقد يكون هذا العمل سبباً في دخولك الجنة.
لذلك احرص على أن تحفظ هذا الحديث وعلى أن تطبقه.. أنا كيف ادعو إلى الله في هذا العصر؟ القضية سهلة جداً اليوم سخَّر الله لنا عندما أُغلقت أبواب الدعوة.. سخَّر الله وسائل التواصل الاجتماعي تستطيع أن تُرسل آية قرآنية فيها معجزة.. فيها تفسير لطيف.. حكمة من القرآن.. حديث نبوي مع معناه.. مثلاً ترسل أي معلومة لمجموعة من الأشخاص لا تدري مَن ينتفع بها.. لا تدري مَن يهدي الله بها.. ودائماً وأنت ترسل هذه المعلومات ادعو الله عز وجل أن تكون هذه المعلومة سبباً في هداية مَن يشاء الله ويرضى لأنك لا تدري قد يجعلك الله سبباً في هداية إنسان ملحد.. إنسان ضال.. إنسان حائر.. فلا تتردد ولا تترك هذه المقاطع النافعة على موبايلك.. لا، انقلها للآخرين هذا أبسط مثال للدعوة الى الله.. مثال آخر أن تبدأ أقرب دائرة لك.. تبدأ الأهل.. الأولاد.. الجيران.. الأصدقاء.. الأقارب.. البيئة المحيطة بك.. الأقرب فالأقرب انصح ولو بكلمة.. انصحهم ولو ذكرهم بآية “بلغوا عني ولو آية” هذا نوع من أنواع الدعوة إلى الله..
طريقة الثالثة للدعوة إلى الله: انصح إنسان مثلاً يكذب بعدم الكذب.. هذه دعوة إلى الله وكل واحد منا يعرف الكثير مِمَن يكذبون.. مِمَن قصروا في حق الله.. مِمَن ظلموا أنفسهم.. ظلم زوجته.. ظلم ابنه.. أكل مال الناس في الباطل.. غش الناس في تجارته.. انصحه وقدم له نصيحة.. أنت طبعاً لست مسؤولاً عنه وأنت لن تحاسب عنه ولست مسؤولاً عن حسابه ولست عليهم مسيطر.. {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد:40] الله هو الذي يحاسب {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29].. أنا مهمتي أن أنصح وأن أنقل المعلومة النافعة بكل مودة ومحبة وتحب الخير سواء تقبل الشخص هذا هذه المعلومة أم لم يتقبلها هو حر.. المهم أن تحاول وتكسب أجر المحاولة لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: “إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى“ فأنت عندما تنوي أن يهدي الله بك إنساناً ضالاً بصدق.. صدقني ستأخذ أجر هذه الهداية ولو لم يهتدي.. مادمت أنت كنت حريصاً على هدايته.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا هداة مهديين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته.
بقلم عبد الدائم الكحيل
يمكنكم مشاهدة هذه الحلقة