دعونا نتأمل اكتشاف رفاة لمسلمين في فرنسا دفنوا في القرن الثامن الميلادي.. وتدل طريقة دفنهم على التزامهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، على عكس ما يقوله بعض المشككين…. |
يدعي بعض المشككين أن كثيراً من أحاديث النبي الكريم ليس لها أساس.. ويقولون إن معظم الأحاديث النبوية كُتبت بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام بثلاثة قرون.. وبالتالي فهي في معظمها غير صحيحة، ولذلك يكفي أن نعتمد على القرآن في عباداتنا!
والحقيقة أن القرآن لم يفصل العبادات لأن هذه المهمة قام بها حبيبنا رسول الله.. فقد سنّ الكثير من السنن.. ومنها إحدى سنن دفن الميت… وهي سنة توجيه الميت باتجاه القبلة ووضعه على الجانب الأيمن. وقد أنكر بعض القرآنيين مثل هذه الأحاديث بحجة أنه لا يوجد دليل من القرآن عليها!
فعندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الموبقات قال هي تسع.. وعدّ منها: استحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتاً [رواه أبوداود والحاكم].
الخبر العلمي الجديد والذي يؤكد صدق هذا الحديث وأنه لم يتم تأليفه على رسول الله.. هو اكتشاف ثلاثة قبور لمسلمين دفنوا في فرنسا.. وقد قام العلماء بتحليل بقايا العظام بالكربون المشع فوجدوا أنها تعود لمسلمين ثلاثة دفنوا في القرن السابع أو الثامن.. أي أثناء فتح الأندلس وصولاً لجنوب فرنسا.
فقد عثر على ثلاثة هياكل عظمية مدفونة في مدينة نيم، وفق التعاليم الإسلامية، ويعتقد أنها تعود إلى القرن الثامن الميلادي. واستعمل فريق الباحثين تقنية الكربون المشع لتحليل الحمض النووي للهايكل العظمية، وبينت الدراسة أنها لجنود من شمال أفريقيا، أثناء فتح الجيش الإسلامي لجنوب فرنسا.
ووجد في القبور الثلاثة أن الجثث وسدت على الجانب الأيمن، متجهة نحو القبلة وتدل طريقة وضع الجثة في القبر والشاهد على أنها لمسلمين. وحددت تقنية الكربون المشع إلى أن الرفات تعود إلى القرن السابع أو الثامن.
وأجرى العلماء دراسة وراثية على الرفاة، فوجدوا أن الثلاثة يحملون مورثات واسعة الانتشار في شمال أفريقيا، ونادرة في أوروبا وفرنسا تحديداً. وتشرح الدراسة التي نشرها الباحثون في جامعة بوردو، في مجلة “بلوس وان”، كيف يعتقد أن هؤلاء المسلمون وصلوا إلى جنوب فرنسا وقتها. ففي القرن الثامن كانت نيم جزءاً مملكة القوط الغربيين التي كانت تضم إسبانيا والبرتغال وجنوب شرقي فرنسا.
ولكن جيوش المسلمين وصلت عام 711 شبه الجزيرة الأيبيرية، وفتحوا الأقاليم التي كانت بيد القوطيين، وعبروا جبال البرينيه الشرقية إلى فرنسا الحالية عام 719. ويرى إيف غليز، المشارك في الدراسة أن الجنود الثلاثة كانوا من الجيش الأموي الفاتح.
والآن…
لو تتبعنا الاكتشافات العلمية سوف نجد أن معظم الأحاديث التي صححها علماء الحديث هي صحيحة بالفعل.. وأن كل ما يقال عن إنكار السنة النبوية غير دقيق من الناحية العلمية.. والدليل الذي سقناه في هذه المقالة يؤكد هذه الحقيقة.
فلو كانت سنة دفن الميت باتجاه القبلة وعلى الجانب الأيمن.. لو كانت غير صحيحة فلماذا طبقها المسلمون أثناء وبعد وفاة النبي الكريم بسنوات قليلة؟؟ وهكذا كثير من الأحاديث الشريفة .. لو بحثنا ودققنا سوف نجد أن العلم يثبتها ويؤكدها.. وأن كل من يحاول هدم بعض الأحاديث إنما يهدم أسس الدين من دون أن يشعر.. فلا تغتروا بما يدعيه القرآنيون…
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
المراجع:
http://www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2016/02/160225_france_muslim_burials_earliest