كيف سينتهي هذا الكون؟ الأساطير السائدة في زمن نزول القرآن كلها كانت تؤكد أن هذا الكون خُلق منذ الأزل وسوف يستمر إلى الأبد….
كان الفلاسفة الملحدون يعتمدون على هذه الفرضية لتعزيز إلحادهم وأنه لا يوجد خالق للكون وأن الكون موجود هكذا منذ الأزل مليارات/ترليارات السنين لا مشكلة.. المهم أن الكون غير مخلوق موجود هكذا بنجومه بمجارته بكواكبه بكل شيء وأن هذا الإنسان خُلِق وسيبلى ويفنى وينتهي مثله مثل أي مخلوق يمر على هذا الكوكب ولكن الحقيقة أن في نهاية القرن 20 وجد العلماء أن هذا الكلام غير صحيح.. وجدوا أن كوننا يتوسع باستمرار وأن الطاقة الموجودة في الكون لا تكفي لتوسع الكون للأبد.. سوف يصل هذا الكون إلى نطقة محددة من التوسع ثم يبدأ بالانكماش على نفسه ولكن النهاية ستكون مأساوية.. لن يعود كما كان يعني بهدوء بل سيعود بطريقة عنيفة جداً.
لذلك يقولون: إن النهاية الحتمية للكون ستكون عبر ما تم اقتراحه مؤخراً Big Rip التمزق العظيم.. طبعاً كلمة Rip تعني الانشقاق.
قبل أن أكمل تحضرني آية عظيمة.. الله سبحانه وتعالى يقول فيها: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ*وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة:15-16] يعني ضعيفة مفككة مدمرة مبعثرة.. هذا بالضبط ما يقوله العلم الحديث.. قوى الجاذبية الكونية سوف تنهار بنهاية المطاف وبالتالي ما الذي يجعل الكون قوياً الآن متماسكاً؟ موجات الجاذبية التي تم اكتشافها مؤخراً وتحدثنا عنها.. هذه الموجات من الجاذبية التي أسميناها أمواج الحُبك والتي ذكرها القرآن في آية عظيمة.. أقسم بها قال تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات:7] هذه الأمواج من الجاذبية والتي نشأت في جزء صغير من الثانية يعني واحد على تقريباً تريليون تريلون تريلون “عدة مرات تكرر هذه التريلونات” من الثانية..ضمن هذا الجزء الصغير جداً الغير مرئي والغير ملموس والغير مدرك من الثانية نشأ هذا الكون ونشأت هذه الأمواج الجاذبية الثقالية وانتشرت في الكون وهيمنت على الكون وجعلت هذه القوى متماسكة تُمسك الكون.
هذه القوى الحقيقة ستنهار في النهاية وسيصبح هذا الكون ضعيفاً “مادته ضعيفة” مثل خيط العنكبوت.. ما الذي يميز بين بيت العنكبوت وبين قطع الفولاذ؟ هنا ذرات وهنا ذرات ما هو الفرق؟ مع العلم أن خيط العنكبوت كمادة فيزيائية أقوى بكثير من الفولاذ.. المادة التي صُنع منها خيط العنكبوت أقوى بكثير من الفولاذ.. ولكن عندما تضع بيت العنكبوت وقطعة فولاذية الفرق واضح ما هو الفرق بينهما؟ الفرق هو القوى الهائلة الموجودة بين ذرات الفولاذ بينما في خيط العنكبوت القوى ضعيفة مفككة لذلك بيت العنكبوت مفكك وضعيف لذلك قال تعالى: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:41].
إذاً دققوا معي.. أنا لدي آية تقول: إن السماء ستنشق وتصبح ضعيفة.. لا يوجد قوى تماسك والعلم الحديث يؤكد أن السماء سوف تنشق عبر ما يسمى Big Rip التمزق أو الانشقاق العظيم وستكون أيضاً ضعيفةً وواهية لأن في تلك اللحظة يكون الكون قد توسع بشكل كبير جداً ولم تعد قوى الجاذبية قادرة على السيطرة فينهار الكون على نفسه وتتشتت المجرات وتتباعد عن بعضها.
طبعاً هذه النظرية برزت كنتيجة للحسابات الرياضية.. حسابات أجراها العلماء على الكون.. 1+1 يساوي2 يعني لغة الرياضيات لا تعرف المجاملة.. الرياضيات تقول: إن الكون له نهاية وإن الكون لزج جداً وليس كما نعتقد أنه فضاء له كثافة معينة.. الكون له كثافة مثل الماء.. مثل الهواء.. وإنه بناء مُحكم.
طيب التمزق العظيم سوف يحدث في نهاية المطاف وطبعاً العلماء يضعون مليارات السنين غير مهم.. القرآن لا يُحدد لنا متى تقوم الساعة هذا أولاً ولا يُحدد لنا متى ينتهي الكون هو يعطينا حقيقة كونية تقول: إن الكون سينتهي بصورة مرعبة.. وهناك آيات كثيرة {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ* وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ* وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} [الانفطر:1-2-3] آية أخرى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ* وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير:1-2] آية ثالثة تحدثنا عن عمليات انشقاق وانهيار في الكون {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق:1] وآية أخرى: {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} [التكوير:11].
لذلك أنا الآن لدي نظرية شبه مؤكدة كل دلائل تُشير إلى أن هذا الكون سينتهي.. سيتوقف عن التوسع.. سينهار على نفسه وفق ما يُسمى بالانشقاق العظيم Big Rip.. هذا الانكماش يقول بعض العلماء: أنه سيعود كما بدأ نقطة واحدة لأن الكون بدأ من نقطة وتوسع وتخلَّقت هذه المجرات وهذه الأجرام السماوية وأنه سيعود وينكمش وينطوي بطريقة مرعبة ويعود نقطة واحدة كما بدأ.
طيب هذا الكلام الذي يعني ينشره العلماء اليوم في عام 2021 القرآن العظيم أنبأنا عنه بكل وضوح.. القرآن ماذا يقول؟ وهذه الاية أوجهها للمشككين بالإعجاز العلمي يقولون: أنتم تغيرون معنى الآيات.. الله تعالى يقول: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] سبحان الله.. النظرية العلمية التي ينطق بها العلماء اليوم عام 2021 جاءت بأسلوب أكثر بلاغة وأكثر تعبيراً في القرآن الكريم قبل 14 يوماً {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ} [الأنبياء:104] إشارة إلى الطي والانكماش.. أنت متى تطوي الشيء؟ يكون مفتوح وتطويه.. إذاً إشارة إلى الانكماش وإلى عودة الشيء كما كان.. {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء:104]
إذاً أول خلق كيف بدأ؟ القرآن ماذا يقول؟ {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} [الأنبياء:30] يعني سداً كتلة واحدة {فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء:30] الفتق هو يعني تباعد الأشياء عن بعضها وكلمة الرتق والفتق يعني مناسبة للنسيج والقماش وبالفعل الكون أثبت العلماء في دراسة تحدثنا عنها أنه نسيج كوني.. مجرات تتوضع على شكل نسيج محكم يسمى الحُبك الكوني.. القرآن يقول: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء:30] هذا في البداية ثم يقول تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء:104] سيعود هذا الرتق والفتق سيعود سداً أو كتلة واحدة {وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104].
أنا سأختم بسؤال فقط أوجهه للمشككين كيف عَلِم النبي عليه الصلاة والسلام أن بداية خلق الكون كانت كتلة واحدة ثم انفتقت؟ وكيف عَلِم أن الكون سيطوى على نفسه ويعود كما بدأ؟ ولله إن هذه الآيات لتشهد على أنه لرسولٌ صادقٌ في دعوته من الله تبارك وتعالى.
نسأل الله عز وجل أن ينفعنا وإياكم في هذه المعلومات.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بقلم عبدالدائم الكحيل
يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو :
