» أسرار الإيمان واليقين

لا تسرع في الصلاة!!…عمل واحد يجعل صلاتك مقبولة بإذن الله

لا تُصلي بسرعة.. لأن الصلاة مصدر السعادة والراحة النفسية.. فأنت عندما تُسرع في الصلاة أنت تحرم نفسك من هذه الراحة ولكن كيف أصلي؟ كيف أجعل صلاتي هي راحة نفسية؟ كيف أنسى همومي في الصلاة؟ كيف أنسى أحزاني ومشاكلي في الصلاة؟ كيف أتخلص من مخاوفي بالصلاة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحقيقة القضية بسيطة جداً.. الله عز وجل أنبأنا عن هذا الأمر وقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] طيب {أَفْلَحَ} يعني نجح.. والنجاح هنا في الدنيا والآخرة.. الفلاح هو مرحلة أعلى من النجاح.. النجاح قد يكون ظاهرياً أو يكون في قضية معينة ولكن الفلاح يشمل كل شيء.. لذلك في الآذان لا يقول: “حيَّ على النجاح” بل يقول: “حيَّ على الفلاح”.. طيب {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] متى يُفلح هذا المؤمن؟ يأتي الجواب: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ} [المؤمنون:2] هو شرط واحد {خَاشِعُونَ} [المؤمنون:2] ولكن تطبيق هذا الشرط يحتاج شيء من التدرب والاجراءات.

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2] هذا الخشوع يُبعدك عن الكلام الفارغ واللهو لذلك قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:3] كأن الله تعالى يريد أن يقول لك: إن الاعراض عن اللغو والكلام الفارغ وتضيع الوقت.. مفتاح ذلك هو الخشوع.. الخشوع هو السبب في حِفظ الوقت.. حِفظ وقتك.. لا تضيع وقتك في الكلام الفارغ.. طيب لماذا معظم الناس يفشل في الخشوع؟ لأن نظرتك للصلاة أنها أمر مفروض عليك ومجبر عليه إما أن تُصلي أو تُعذَّب في النار وهذا الأمر أمر خاطئ جداً كل مَن يعتقد أن الصلاة هي عمل ميكانيكي.. إما أن تُصلي وإما أن تُعذَّب.. لا القضية ليست كذلك.

أنا سأقول كيف أفهم الصلاة؟ الصلاة هي تواصل مع الله.. يعني أنت عندما تذهب لشخص كبير وتلتقي معه ولو 5 دقائق تشعر بالفرح.. لك حاجة عنده قُضيت.. تريد مبلغاً من المال ممكن أن يعطيك.. لديك مشكلة يمكن أن يحلها لك.. شخص كبير/غني كبير/مسؤول كبير… تحاول أن تجلس معه لأطول مدة ممكنة صح؟ طبِّق على نفسك هذا الكلام.. تجد أن معظمنا يحاول أن يغتنم هذه الفرصة أنك في لقاء مع فلان.. حاول أن تُطيل اللقاء لتطلب أكثر.. طيب هذا نحن نطبقه مع الناس الضعفاء الذين لا يملكون لنفسهم شيئاً.. لا يملك لنفسه شيئاً هذا العبد مهما بلغ حتى لو مَلَك نصف الدنيا.. فعلياً هو سيموت.. إذاً لا يملك شيئاً.

طيب أنا أسلك هذا السلوك مع شخص مثلي (عبد مثلي) وأحاول أن أغتنم الوقت وأطيل اللقاء وأركز ماذا سأقول وأستمع لكل كلمة يقولها.. وعندما أتواصل مع الله عز وجل.. مالك المُلك من خلال الصلاة أسرق هذه الصلاة سرقاً وأسرع بها.. طيب هل هذا منطق علمي؟ أنا عندما أقف بين يدي المَلِك الله عز وجل هو قريب مني وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.. السجود من الأعمال التي تكون قريباً جداً من الله.. لذلك أكثر من الدعاء في السجود.. اطلب حاجتك من المَلِك.. تقرَّب منه.. يعني الوسيلة هي الصلاة.

وبالتالي أنت عندما تنظر إلى الصلاة أنها تواصل مع مالك المُلك وتقرُّب لهذا المَلِك العظيم سبحانه وتعالى سوف تستمع بالصلاة.. ستكون لذة ومتعة بالنسبة لك.. ستكون هذه الصلاة مريحة تنسى همومك بها.

إذاً كيف أدرب نفسي على الخشوع؟ القضية بسيط جداً.. أنت عندما تريد أن تتدرب على قيادة السيارة.. هل تركب السيارة وتمشي بها فجأة؟ لا ستعمل ألف حادث.. تبدأ خطوة خطوة وتتدرب نفسك على الاتجاه الصحيح وعلى آلية عمل هذه السيارة إلى آخره… الصلاة تحتاج إلى وقت.. في البداية أنا يجب أن أستعد للصلاة.. الصلاة يجب ألا تكون عمل ميكانيكي مثل الكثير من الناس تُصلي ثم تغش.. يكون يجلس ويمزح في محله ويكذب على الناس في تجارته وهو يظن أنه شاطر (التجارة شطارة) يؤذن فيذهب إلى السمجد يصلي ثم يعود تجارته.. طيب ما هذه الصلاة؟ لم يستفد منها شيئاً.

إذاً الصلاة تحتاج إلى استعداد.. استعد لدقائق واستحضر أنك تتواصل مع مالك المُلك وأن الله قريب منك هو يقول لك: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16] وهو الذي يقول لك: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] الله قريب جداً منا أقرب لي من نفسي.. الله أقرب لك من نفسك.

إذاً أولاً: تستحضر عظمة الخالق.. تتوضأ بهدوء وتقف بين يدي الله وأنت تنوي أن تتدبر كل آية تقولها.. النبي عليه الصلاة والسلام في رواية عنه أنه كان يصل إلى آية عذاب يستعيذ بالله من النار.. عندما يصل إلى آية نعيم يسأل الله ويستغفر.. كان يتفاعل مع الصلاة ومع قراءة القرآن.. اليوم نحن الصلاة كآلة ميكانيكية.. لذلك نجد أن العالم الإسلامي متخلف جداً بسبب ماذا؟ بسبب أن يؤدي عباداته بشكل ميكانيكي ولا يُبدع في العلم ولا يطبق شيء من تعاليم الإسلام إلا هذه الأعمال الميكانيكية فقط.. الصلاة هي محبة لله.. أنت عندما تقف بين يدي الله وتقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:1].. يجب أن تتذكر رحمة الله بك أنه أعطاك نعمة البصر والسمع ورزقك القوة لتقف ورزقك اللسان والعقل الذي حُرم منه بعض الناس.. رزقك نعمة الإيمان لذلك تقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2].. عندما تقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] يجب أن تتذوق لذة هذه الكلمة.. يا رب أنت أكرمتني كثيراً فأقل شيء أستطيع أن أقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2].. {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] أنا لا أشك أنك أرحم الراحمين.. {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] طيب هذا المَلك أو هذا المالك هو الذي سيفصل بين العباد جميعاً لن يضيع لي حق ولو بمثقال ذرة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:7-8].. {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف:8]

إذاً الشيء الذي يجب أن تتخيله أنك تقف بين يدي إله عادل سيأخذ حقك ويعطيك إياه مِمَن ظلمك وسينصفك تماماً.. فأهدأ مادام هناك إله وأنا واثق به وهو {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] ثم أقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] أنا أعبد الله لا أعبد فلان أو فلان ولا أعبد المال.. هناك مَن يعبد المال اليوم.. يتخذ المال شريكاً مع الله والعياذ بالله.. مَن يعبد الدنيا.. {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] يا رب أنا ليس لي حول ولا قوة اهدني إلى أي طريق صحيح تحبه وترضاه.. في عملي اهدني الصراط يعني الطريق المستقيم.. في زواجي اهدني الطريق المتسقيم.. في دراستي اهدني الطريق المستقيم.. في حل مشاكلي اهدني الطريق المستقيم.. في أسلوب تربية أولادي اهدني الطريق المستقيم.. فالهداية هنا تشمل كل مناح الدنيا والآخرة.. {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:7] يعني طريق هؤلاء الذين أنعمت عليهم من النبين.. من الصدقين.. من الشهداء.. من الصالحين… {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:7] مثل اليهود الذين غضب الله عليهم لأنهم كفروا بالله وجحدوا بالله وقتلوا أنبياء الله.. أنا لا أريد أن أكون منهم وهؤلاء الذين ضلوا عن الطريق الصحيح.. ضلوا عند عبادة الله أنا أيضاً لا أريد أن أكون مثلهم.

إذاً هذه الفاتحة يجب أن تتذوقها.. من الغير معقول أنت تقرأ ثم تسجد وتركع وكذا وبالآخر تقول: أنا لم أشعر بحلاوة الصلاة أو الصيام أو العبادات.. لم أخشع أنا أنسى.. أقف للصلاة ودماغي تفكر للدنيا.. طيب أنت لم تعلم بين يدي مَن تقف ولم تخشع ولم تفكر بمعاني الكلمات.

لذلك العمل الواحد الذي يضمن لك أن تشعر بمعنى الصلاة هو الخشوع يكفي لأن الخشوع يشمل كل شيء.. الخشوع يجعلك تفكر بمعاني الآيات (أي آية تقرأها).. عندما تقرأ مثلاً أي سورة {وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى:1-2-3] هذه الآية بحق النبي نزلت ولكن أيضاً تشمل كل مؤمن يتبع هذا النبي.. النبي هو ولي لنا..هو قدوة لنا.. هو أسوة حسنى فأنا عندما أستمع لهذه الآية يجب أن أعتقد وأستيقن أن الله لم ينساني {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى:3] ما نسيك الله.. الله لم يتركك ولم ينساك ولم يهملك حاشاه سبحانه وتعالى.

فإذاً يجب أن أطبق هذه الآيات على نفسي حتى أخشع وإلا كيف يحدث الخشوع؟ يجب أن تفهم هذه الآيات.

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم الخشوع الكامل وأكيد إذا طبقت الخشوع فقط.. ثِق تماما أنه ستتغير حياتك إن شاء الله.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


بقلم عبدالدائم الكحيل

يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو :

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك