» أسرار الإيمان واليقين

كيف أستخير الله؟ ومتى أستخيره؟ … قوة الاستخارة

عليك بالاستخارة.. فهذه أعظم طريقة لكسب الوقت ولاتخاذ القرار الصائب.. كل شيء تقوم به بعد الاستخارة سيكون ناجحاً مئة بالمئة ولو كان ظاهرياً خاسر.. لأن ليس كل الخسارات هي خسارات.. هناك خسارة تكون أول خطوة على طريق النجاح فهي جزء من النجاح..

عليك بالاستخارة.. فهذه أعظم طريقة لكسب الوقت ولاتخاذ القرار الصائب.. كل شيء تقوم به بعد الاستخارة سيكون ناجحاً مئة بالمئة ولو كان ظاهرياً خاسر.. لأن ليس كل الخسارات هي خسارات.. هناك خسارة تكون أول خطوة على طريق النجاح فهي جزء من النجاح.. كل عمل لا تستخير الله به فأنت معرَّض للصواب والخطأ.. هذه القاعدة ينبغي أن تضعها في دماغك الاستخارة سوف توفر وقتك.. لأنك إذا اعتمدت على نفسك فقط ستخطط وتفكر وتحسب وتغرق نفسك في حسابات ربما في نتيجتها يكون قرارك خاطئاً.. بينما الاستخارة ماذا تعني؟ تعني أنك سلَّمت الأمر لله هو الذي سيتخذ القرار.

هل تصوَّرتم معي؟ اليوم أي مشروع بشركة هناك دراسات جدوى: هل أنفذ هذا المشروع أم لا أنفذه؟ ويدفعون الملايين لدراسات الجدوى.. لكي يُخبرك مَن يقوم بهذه الدراسة: هل هناك جدوى اقتصادية من هذا المشروع؟ هل هذا المشروع رابح أم خاسر؟ وبالتالي تدفع شيئاً من المال مقابل ألا تخسر خسارة كبرى.. أنت في كلتا الحالتين خاسر.. يعني أنت تدفع للشركة التي تقوم بدراسة الجدوى.. فإذا أخبرتك بأن هذا المشروع فاشل فتكون قد خسرت المبلغ الذي أعطيته كأجور لشركة التي قامت بهذه الدراسات (الجدوى الاقتصادية) وتعتبر وفرت خسارات كبرى فيما لو أقدمت على هذا المشروع الفاشل ومن الممكن أن هذه الشركة التي تقوم بدراسة الجدوى أن تخبرك بأن هذا المشروع رابح وبالتالي أنت أيضاً ستربح.

المهم: الاستخارة توفر عليك كل هذه التكاليف.. طبعاً نحن لا نقول اترك الأمور وأهمل ولا تدرس ولا تفكر… لا أبداً أنت ادرس وفكِّر وخطط ولكن اترك القرار بيد الله.

منطقة اتخاذ القرار في الناصية (مقدمة الدماغ).. هذه الكتلة الكبيرة من الخلايا التي خلف الجبهة مباشرةً فيها يتم اتخاذ القرار وتسمى: الناصية.. ناصية الشيء: هي أعلى ومقدم الشيء يعني أعلى ومقدم الرأس هي الناصية.. هذه الناصية فيها يحدث اتخاذ القرار.. لذلك حبيبكم عليه الصلاة والسلام نتذكَّر أنه كان له دعاء عظيم يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (ناصيتي بيدك).. فكان يُسلِّم ناصيته لله تعالى وكأنه يقول: يا رب أنت اتخذ عني القرار الصحيح.. وهل الله يُخطأ؟ سبحانه وتعالى وهو خالق الكون ومُقدِّر الأسباب.

كذلك في قصة سيدنا هود عليه السلام عندما خاطب قومه ماذا قال لهم عندما أراد أن يتخذ قراراً بأنهم لم يستجيبوا له ولم يعرف وما هو القرار الذي سيتخذه؟ قال لهم: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود:56].

الله لا يُخطئ فإذا أسلَّمت ناصيتك لله فأنت بهذه الطريقة كأنما ضمنت مئة بالمئة أن القرار سيكون صحيحاً.. لأن هذه الناصية قُلت: يا رب أنا سأسلِّمك هذه الناصية وأنت تضع فيها القرار المناسب.

لذلك النبي صلى الله عليه وسلم من أسرار الاستخارة أنه أمرنا بصلاة ركعتين بتدبر وخشوع غير الفريضة.. الصلاة ثبُت علمياً.. هناك باحث أمريكي اسمه نيوبر أثبت علمياً أن الصلاة من أي نوع مجرد التأمل والخشوع وتلاوة الصلوات حتى على الطريقة البوذية تُنشط منطقة الناصية (يحدث فيها نشاط).. فكأنما النبي عليه الصلاة والسلام أراد لنا أن نُنشط هذه المنطقة قبل أن نستخير الله.. نُنشط منطقة الناصية بركعتين خفيفتين ولكن بخشوع وتأمل وتدبر لأن الله امرنا بالخشوع {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2] فأمرنا بهذا الخشوع لنُنشط هذه المنطقة (منطقة الناصية) تنشط أثناء الصلاة.. فعندما تستخير الله تبارك وتعالى تجد نفسك أكثر قدرة على اتخاذ القرار السليم والصائب والذي يُجنبك الكثير من الخسارات أو الخسائر سواءً أكان قراراً بالزواج أو بالعمل أو بشراء مسكن أو حتى بالأمور البسيطة جداً شراء موبايل أو شراء كمبيوتر.. حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعلِّمهم لأصحابه رضوان الله عليهم الاستخارة في كل شؤونهم يعني حتى الشؤون الصغيرة استخر الله ستجد أن حياتك كلها أصبحت منضبطة وفق مرضاة الله عز وجل (وفق ما يريده الله سبحانه وتعالى).

وهل هناك أجمل من إنسان الله هو الذي يقوده؟ يعني نحن اليوم نلجأ لطرق وأساليب لنهتدِ بها في ظلمات هذا العصر.. هل هناك أجمل من أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعينك على اتخاذ القرار؟ هذا الأمر سيوَّفر الكثير والكثير من الوقت لماذا؟ لأنك بدلاً من أن تُنهك نفسك في التفكير.. تدرس الموضوع جيداً ثم تستخير الله عز وجل وتتخذ القرار والله تعالى يقول: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] خُذ قرار قوي.. رجال الأعمال الذين حققوا ثروات هائلة بالمليارات معظمهم يقولون: نحن كان لدينا اتخاذ قارات سريعة.. أحد أسرار النجاح كما يقول علماء النفس: اتخاذ القرار السريع وعدم تضييع وقت كبير في اتخاذ القرارات.. ولكن القرار السريع هذا نسبة التعرِّض للخطأ تكون كبيرة جداً.. نحن في الإسلام ليس لدينا شيء اسمه قرار سريع.. لدينا أنك تقوم وتأخذ بكل الأسباب وكل الاحتياطات وكل الدراسات وتفكَّر بشكل كامل ولكن أنت في داخلك أن الله معك.. الله سيديك {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11].. الهداية هنا ليست هداية باتجاه الصلاة أو الصيام أو أعمال البر.. لا الهداية هنا هداية حتى في عملك.. حتى في مشروعك.. حتى في دراستك.. يهديك الله لقراءة الشيء المناسب لكي تنجح في هذا الامتحان مثلاً إذا كان لديك امتحان.. يهديك الله الشريك المناسب إذا كنت ستُشارك إنسان في تجارةٍ ما.. يهديك الله عز وجل إلى المرأة المناسبة إذا كنت مقبل على مشروع زواج ومحتار ماذا تعمل… فالهداية هنا {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] لا تقتصر على الإيمان والكفر.. أن يهديك إلى الإيمان بل يهديك في شؤون حياتك.. الله سبحانه وتعالى يقول: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:16].. فالإنسان قد سخَّر الله له النجوم ليهتدِ بها في التوَّجه.. سخَّر لنا وسائل كثيرة للهداية.. سخَّر لنا الشمس في النهار لنهتدِ بها.. ضوء القمر ي الليل لنرى في الصحراء ونهتدِ به… ووسائل الهداية كثيرة وكلها بيد الله.

إذاً شرط الهداية الإيمان.. كلما آمنت بالله أكثر وجددت إيمانك تجد أن الله يهديك.. هذه الهداية لها ثمن.. لها ثمن في الوقت يعني أنا لديَّ 24 ساعة في اليوم إذا كنت سأضيع هذه الساعات هنا وهنا وفي التفكير وكذا سأتُلف الكثير من الوقت ولكن عندما أستخير الله عز وجل وآخذ قرار مباشر وأتوكل على الله.. وفرت %90 من الوقت والجهد لأعمال أخرى (لأشياء أخرى).

لذلك أنا شخصياً عندما أحتار في أي عمل هل أقدم عليه أم لا أقدم عليه؟ ماذا أفعل؟ ألجأ إلى الميزان القرآني (قوانين القرآن) يعني مثلاً هناك عمل أحب أن أقوم به ألجأ إلى القرآن وأنا متردد هل يتفق مع منهج القرآن؟ هل هذا العمل يرضي الله سبحانه وتعالى؟ هل يتفق مع منهج النبي عليه الصلاة والسلام؟ فأضع هذه الأشياء أمامي ثم آخذ القرار بناءً عليها.. إذا كان فيه مخالفة.. فيه معصية لله عز وجل يعني مثلاً إنسان قد يفكر أن يأخذ قرضاً من البنك بنك ربوي وأنت مضطر لمبلغ معين والبنك يُقدم لك تسهيلات ولكن أنت محتار هل تأخذ أم تؤجل شراء هذا المنزل إلى سنة قادمة أو سنة ثالثة أو رابعة وتبقي في حالة تدفع أجرة المنزل؟ فأنت محتار تعتبر أن هذا المبلغ هو خسارة بالنسبة لك الذي تدفعه فتريد أن تتخلص من هذا الواقع وأن تأخذ قرضاً وتشتري هذا المسكن.. ارجع إلى القرآن عندما نرجع إلى القرآن نجد أن الله سبحانه وتعالى يقول لي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] وأجد آية أخرى تقول لي: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} [البقرة:279] يعني عن الربا {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279].. تجدُني أرجع إلى الوراء وأفكر وأجد أن النبي صلى الله عليه وسلم: لعن آكل الربا.

إذاً هذه قواعد تجعلني أتخذ القرار الصحيح بسرعة وأبقى على الوضع الراهن.. لا أخذ قرض لماذا؟ لأنني أعلم أن الله الذي رزق هذا مسكن ورزق هذا أراضي ورزق هذا ملايين ومليارات قادر أن يرزقني فلا أيأس من رحمته عز وجل.. وبالتالي أتخذ قرار سريع ومناسب وأوفر الكثير من الوقت وأقول: سأنتظر حتى يُغنيني الله من فضله.. طبعاً وهذا الأمر قد كان يعني هناك تجارب لو أراد الإنسان أن يقُصَها لاحتاج إلى مجلدات.. دائماً الثقة بالله عز وجل تعطيك نتائج صحيحة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعلِّمنا ويُبصرنا بهذا الدين ويزيدنا وإياكم علماً نافعاً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


بقلم عبدالدائم الكحيل

يمكنكم مشاهدة هذا  الفيديو :

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك