» أسرار الإيمان واليقين

ثلاث آيات تفتح لك أبواب الرزق الواسع

كثير منا يتساءل لماذا يضيق رزقي مع أنني أدعو الله باستمرار؟ وهل زيادة الرزق دليل على محبة الله تبارك وتعالى؟ وهل بالفعل أن الله عز وجل أنزل آيات خاصة بتكثير الرزق؟

الرزق أمر معقد جداً وموجود في علم الغيب عند الله تبارك وتعالى والرزق ليس هو المال.. الرزق يكون نعمة يُنعمها الله عليك أهم من المال.. هناك مَن يملك المليارات ويُعاني من أمراض كثيرة لا يستطيع أن يستمتع بالطعام.. إذاً هو حُرِمَ نعمة كبيرة جداً (نعمة الطعام).. وهناك مَن يملك الملايين ولكن لديه مشاكل في عائلته ومشاكل حوله لا يستطيع النوم إلا بالحبوب المُهدئة.. وهناك ملياردير ألماني انتحر وهو يملك أكثر من عشرة مليارات دولار.

إذاً القضية ليست قضية مال.. المال هو وسيلة من ملايين الوسائل الموجودة من حولنا التي سخرها الله لنا يعني نعمة الشمس.. الشمس هي وسيلة.. وسيلة لكي تُبخر ماء البحر فتتكثف المياه على شكل غيوم وتنزل الأمطار ونستفيد منها كغذاء.. كشراب.. نبات.. حيوانات… وبالتالي هذا نوع من أنواع الرزق موجود عند الله.. الله هو الذي خلقه (خارج إرادتنا).. هذا البحر يحوي تريليونات الكائنات الحية في داخله (أسماك وغير ذلك) كلها لولا أن الله خلقها لحُرمنا منها هذا نوع من أنواع الرزق.. الولد الصالح هو رزق.. عندما تدخل إلى بيتك وترى زوجتاً إذا نظرت إليها تقرُّ عينك بها هذا رزق عالي جداً.. عندما يتكلم الناس عنك بصورة طيبة في غيابك هذا رزق أهم من المال.. أنتم تعلمون أن هناك من المجرمين مَن يُنفق المال على تحسين صورته.. معنى ذلك أن الصورة الذهنية في أعين الناس أهم من المال.. كيف ينظر الناس إليك؟ هذا أمر مهم.

لذلك هنا أوَّد أن نتأمل هذه الآيات الثلاثة وهناك أكثر من مئة آية ذُكر فيها الرزق في القرآن.. أنا اليوم اخترت في هذه العُجالة ثلاث آيات مهمة جداً حسب وجهة نظري يجب أن نتدبرها ونفهمها أنا أريدك أن تُركز على فهم الآيات أكثر من موضوع أن تُردد.. ليس مهماً أن تتكلم بكلام لا تفهمه يجب أن تفهم.

الآية الأولى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الزمر:52] سبحان الله.. الله يقول لك: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا} بآية أخرى {أَوَلَمْ يَرَوْا} يعني شيء عظيم.. طيب نحن علمنا بالفعل أن رجل مثل بيل غيتس Bill Gates مثلاً الذي كان يُصنف كأغنى رجل في العالم.. أساساً لا يملك المال وكان موظف بسيط.. قدحت في ذهنه فكرة معينة وتوافرت الظروف لتطبيقها واتبع قواعد معينة فحصل على الرزق.. آخر شيء تبرع بمعظم ثروته لأنه وجد أن هذا المال ليس له أي قيمة.

إذاً الله عز وجل يريد أن يختصر عليك الطريق ويقول لك: ليس المال هو المهم.. انظر كيف بسط الله الرزق لهذا الشخص وغيره؟ ولكن ما هي الفائدة؟ هل إذا مات يستطيع أن يستأجر شخصاً ليموت عنه أو ليدخل مكانه في القبر؟ هل إذا تألم يستطيع لو دفع ثروته كلها أن يستأجر شخصاً ليتألم عنه؟ هل إذا أصابه مرض خطير لو دفع ملايين الدنيا يستطيع أن يصرف عنه هذا المرض؟ هل إذا جاء ملك الموت يستطيع أن يشتري ثانية واحدة عمره بكل مال الدنيا؟ لا يستطيع.. لا يستطيع أن يزيد من عمره ثانية واحدة {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:34].

لذلك هذه الآية مهمة جداً لكي نهدأ ونطمأن ونعلم أن الله بسط الرزق لفلان لحكمة ومنع عن فلان لحكمة.. النبي عليه الصلاة والسلام كان أحياناً يضيق المال في بيته.. لا يجد ما يأكل.. مات ودرعه الشريف مرهونة عند يهودي كما في البخاري: (على ثلاثين صاعاً من شعير) ماذا يدل ذلك؟ النبي يريد أن يقول لك: المال ليس كل شيء.. المال ليس هو الرزق الحقيقي.. الرزق الحقيقي عند الله {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} [العنكبوت:17].

الآية الثانية: اقرأ معي: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} [غافر:13] بدأت هذه الآية بكلمات عظيمة: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ} انظر كم آية من حولك؟ السمع آية من آيات الله.. البصر آية من آيات الله.. اللسان آية من آيات الله.. دماغك هذا الذي فيه مئة مليار خلية آية من آيات الله.. الكون من حولك متوازن بدقة.. درجة حرارة الهواء مناسبة لحرارة الجسم.. كل شيء مُنضبط من حولك.. آيات الله تُحيط بك.. هذا الإله العظيم الذي أتقن كل شيء أيعجز أن يرزق إنساناً يقول: يا رب؟ طبعاً لا.. لذلك هنا قال الله تعالى: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} [غافر:81].. {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} [غافر:13].

إذاً الذي يعود إلى الله ويرجع إلى الله ويستيقن أن المصير إلى الله هذا هو الذي يتذكر.

الآية الثالثة: اقرأ معي: قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر:3] من عدل الله تعالى أنه لم يقل هنا: (يا أيها الذين آمنوا).. الله لا يرزق فقط المؤمنين {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [فاطر:3] مَن الذي سخَّر هذه الشمس؟ مَن الذي سخَّر نعمة الريح؟ مَن الذي سخَّر الجاذبية الأرضية لنستقر على هذه الأرض؟ مَن الذي سخَّر لنا البحر.. النباتات.. الكائنات الحية؟ مَن الذي خلق هذه الأرض مريحة لنا.. ممهدة أمامنا؟ {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر:3].

{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [فاطر:3] إلهٌ واحد قادرٌ أن يرزقك.. { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر:3] كيف تكذبون؟ كيف تظنون بالله ظنَّ السوء؟ كيف تقولون: إن الله لا يرزقنا؟ كيف تدعون أنه لا يوجد إله؟ كيف تثق بإنسان ضعيف مثلك أكثر من ثقتك بخالق الكون؟

لذلك هذه الآيات ولله تُثلج الصدر ولكن يجب أن نفهم.. أن نتدبر.. أن نعقل.. كلما عانيت أكثر كلما ارتفع مقامك عند الله أكثر.. كلما تألمت أكثر وضاق حالك أكثر كلما رفعه الله عندك.. ولكن بشرط أن تقول: الحمد لله.. بشرط أن تحمد الله تبارك وتعالى لأن الله إذا أحب عبداً أصاب منه.. إذا أحب عبداً ابتلاه لأن هذه الدنيا عبارة عن ساعة فقط {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:17].. {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه:131].. {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى:4] آيات كثيرة تدلنا على أن الآخرة هي الرزق الحقيقي.. الرزق الحقيقي هو لحظة الموت.. عندما ترى ملائكة الرحمن تُبشرك بجنات تجري من تحتها الأنهار.. أنت في هذه الدنيا ستفوز فقط بقبر عبارة عن اثنين متر مربع.. هذا هو حجمك من الدنيا ولكن في الآخرة هناك جنات {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133].

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا رزق الآخرة فهو القائل: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه:131].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


بقلم عبدالدائم الكحيل

يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو:

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك