كثير من الناس يقطع الصلاة تقطيعاً.. يصلي وقتاً ويترك وقتاً.. يحس بثقل.. يحس بأن الدنيا تجذبه.. يحس بأن الصلاة ثقيلة عليه.. ماذا يفعل؟…..
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا اليوم ساتأمل معكم سبعة تقنيات أو سبعة أسباب لعلاج هذه الظاهرة بشكل كامل.
الصلاة هي موعد مع الله.. يجب أن تنظر إلى الصلاة.. يعني بإختصار سبعة أسباب ألخصها لك بكلمة: غير نظرتك للصلاة فقط.. الصلاة ليست مجرد عبادة تُعاقب عليها.. معظم مَن يلتزم بالصلاة يخاف من عذاب جهنم.. طيب هذا جيد ولكن هناك فوائد كثيرة للصلاة تغفل عنها.. هناك أسرار كثيرة للصلاة أنت لا تعرفها.
إذاً أنت تظلم نفسك عندما الدافع الوحيد للصلاة هو خوف من العذاب.. أنت تظلم نفسك.. هو صحيح ينبغي أن نخاف عذاب الله ولكن هناك فوائد كثيرة لماذا تحرم نفسك منها؟
أول سبب: يجب أن تنظر إلى الصلاة أنها موعد مع الله عز وجل.. أنت عندما تقف على باب مسؤول أو تريد أن تقابل ملكاً أو رئيساً أو أميراً أو وزيراً أو مسؤول من البشر الضعفاء الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولاحياتاً ولا نشوراً ولا يستطيع أن ينفعك بشيء إلا ما كتبه الله لك ولا يستطيع أن يضرك بشيء إلا ما كتبه الله عليك يعني هو ضعيف مثلك.. عبد مثلك.. يموت.. يمرض.. يهلك… وعلى الرغم من ذلك أنت تتعب كثيراً لمقابلته.. طيب الله سمح لك خمس مرات بلقاءه في اليوم غير السنن والنوافل.. أنت خمس مرات لديك موعد مع الملك عز وجل ثم تفكر بالدنيا.. ولله أحدنا لو كان لديه لقاء مع صديقه ليس شخص مهم يحاول أن يلتزم به ويُسرع به.. طيب كيف وأنت في لقاء مع الملك عز وجل وخمس مرات باليوم؟
هذا منتهى الكرم الإلهي.. لذلك أنت يجب أن تهيئ نفسك للصلاة بهذه الطريقة.. عندما يؤذن وقت للصلاة يجب أن تعتقد أن الله يناديك.. يريد أن يسمع منك.. يريد أن يسمع خشوعك ودعاءك.. يريد أن ينظر في مشكلتك.. يريد أن يُفرح قلبك (يريح قلبك بهذه الصلاة) “أرحنا بها يا بلال”.. فإذاً أنت على موعد مع الله ليس مجرد صلاة أو ركوع وسجود.. لا هي موعد ولقاء ووقوف بين يدي الملك سبحانه وتعالى.
السبب الثاني أو التقنية الثانية التي أريد أن تغير تفكيرك اتجاه الصلاة: إن الصلاة علاج وشفاء.. أنت إذا أصابك أي مرض تلهث إلى الطبيب.. تسرع إلى الصيدلية لتأخذ دواء.. تفتح النت لترى ماذا يحدث مع هذا الفيروس/مع هذا الداء/مع هذا المرض.. تبحث عن علاج وتنفق الأموال.. طيب الله عز وجل أعطاك علاجاً وشفاءً من أمراض العصر وخمس مرات كل يوم تعالج نفسك.. وهذا الكلام كلام علمي.. أنا لا أتحدث كلام عاطفي.. هناك مجلة هندسية قامت بدراسة عن أسرار الصلاة وهي غير إسلامية كما قلت مجلة علمية بحتة وصنعوا برنامج يحاكي حركة الجسد إذا التزم خمس مرات بأوقات الصلاة.. وجدوا تأثيرات كبيرة جداً مع أنهم درسوا جزء بسيط من هذه التأثيرات وهي التأثير على العمود الفقري والمفاصل والعظام.. وجدوا أنها تؤدي للشفاء والعلاج والوقاية وتخفيف الآلام.. الله أعطاك علاج.. أنت الزمن يتقدم وتجلس ساعات طويلة أمام الابتوب أو أمام الموبايل أو أمام التلفزيون.. طيب هذا الجلوس أو التيبس هذا مضر جداً لفقرات الرقبة/للعمود الفقري/لأسفل الظهر/للأعصاب ومعظمنا يعاني من هذه المشاكل ولكن عندما يكون لديك التزام بالصلاة أنت تترك كل شيء وتسرع للصلاة فتكسب أسباب الشفاء لهذه الصلاة.. طبعاً الصلاة هي شفاء للقلب أيضاً يعني كل واحد منا لديه مشاكل/هموم.. هي تتفريغ للهموم.
السبب الثالث: الصلاة هي عملية خشوع {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2].. إذاً النجاح يأتي بعد الخشوع.. فإذا أردت أن تنجح بحياتك التزم الصلاة بخشوعها لأن الخشوع له أسرار كثيرة جداً وله فوائد يعني مثلاً اليوم في الغرب يستخدمون رياضة اليوغا وغير ذلك والتأمل.. يجلس أحدهم يتأمل في شجرة/في شمعة/في خرير الماء/في أي شيء… ويقول لك: أنه عالج نفسه.. يجلس مثلاً نصف ساعة ويكرر هذا العمل عدة مرات كل يوم.. طيب الله عز وجل من رحمته أنه أعطانا وسيلة فيها تأمل وفيها خشوع وفيها حركة وفيها استحضار لعظمة الله عز وجل وفيها استحضار للجنة والنار وفيها كلام تقرأه فيه معاني عظيمة جداً.. عندما تقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] تطلب الهداية من الله أن يهيدك إلى الطريق الصحيح في حياتك.. فأنت إذاً في هذه الحالة تفرغ الشحنات السلبية خمس مرات كل يوم.. أنت تعلم أن الجهاز الكمبيوتر إذا تراكمت عليه البرامج يحتاج إلى ما يسمى بإعادة فرمتة أو برمجة أو إلى تفريغ الملفات التي تُثقل هذا الجهاز تفرغها كل فترة.. الإنسان كلذلك يحتاج إلى تفريغ هذه الضغوط النفسية.. الشحنات السلبية.. الأفكار التي تراكمت كلها تتفرغ أثناء الصلاة وأنت تؤدي فرضاً لله عز وجل.
السبب الرابع: هناك في علم النفس ما يسمى: بعقدة الذنب التي تُسبب الاكتئاب ويمكن أن تؤدي إلى الانتحار.. ينصح العلماء بضرورة التخلص منها.. أن تتخلص من عقدة الذنب لأنها تفتك بصاحبها يجب أن تشعر بالنقاء والطهارة والبراءة.. الصلاة تُخلصك من عقدة لذنب وكما أكد النبي عليه الصلاة والسلام أن هذه الصلوات الخمس مكفرات لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر بل تُكفر لكفائر لأن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر.. إذاً هنا أنت لديك خمس مرات غسيل لذنوبك يعني هذ الوضوء الذي تتوضئه مع كل قطرة ماء تتساقط ذنوبك كما تتساقط أوراق الشجر هذا ما أكده النبي عليه الصلاة والسلام.. فإذاً هي راحة للإنسان.
السبب الخامس الذي أقترحه بل النبي اقترحه صلى الله عليه وسلم: كان الصحابة يسألون حبيبهم عليه الصلاة والسلام.. كانوا يحبون الله كثيراً فكانو يقولون: يا رسول الله هذا الإله الرحيم الكريم ماذا يحب أن نفعل؟ ما هي أحب الأعمال إلى الله؟ كيف أرضي الله كيف أفعل عملاً يحبهه الله؟ قال لهم أول شيء: (الصلاة على وقتها) طبعاً (ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله).. لكن الصلاة على وقتها رقم واحد.. أحب الأعمال إلى الله.. إذاً أنا عندما يحين موعد الصلاة.. يجب أن أستحضر هذه الشياء في دماغي أن الله يحب هذا العمل.. الواحد إذا أحب ابنه وهذا الولد اشتهى شيئاً يبذل كل ما بوسعه ليؤمن له هذا الطعام مثلاً أو هذه اللعبة أو هذا الشيء ويتعب ويعمل.. طيب الله يحب الصلاة وهو الذي خلقك ورزقك.. أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها.
السبب السادس: عندما تذهب إلى الصلاة يجب أن تتخيل أن الله يريد أن يرضى عنك.. يريد أن ينظر إليك لأننا في الصلاة نقف بين يدي الله والله ينظر إلينا ليس بيننا وبينه حجاب سبحانه وتعالى.. هو ينظر إلى العبد الذي يصلي ويكون قريباً جداً منه وأقرب ما يكون أثناء السجود لذلك نكثر من الدعاء.. إذاً فرصة للدعاء.. فرصة أن تطلب حاجتك من الله.. يعني أنا الآن جالس وأذن وقت ما.. ولله الصلاة ثقيلة سأصلي فيما بعد.. لا تفكر في هذه الطريقة.. طيب أنا إذا لم أصلي سأعذب.. لا تفكر في هذه الطريقة.. فكر أن الله عز وجل يريد أن ينظر إليك وأنت تصلي.. يريد أن يتجلى عليك الملك عز وجل.. يريدك أن تتواصل معه.. لماذا سميت الصلاة؟ الصلاة من الصِلة.. تواصل مع الله.. لقاء مع الله سبحانه وتعالى.. في حالة الصلاة: الله عز وجل ينظر لك.. يتجلى عليك.. يسمع دعاءك ويريدك أن تدعوه.. يحب العبد الذي يدعو كثيراً.
السبب السابع وهو مهم جداً في هذا العصر: أن هذه الصلاة ليست مجرد عبادة تقوم بها أو حركات ميكانيكية تؤديها.. لا هذه وسيلة لتبعدك عن الشر.. عن الكوارث.. عن الفحشاء.. عن المنكر.. ماذا قال تعالى؟ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [الغنكبوت:45].. إذاً هذه الصلاة هي وسيلة تحجبني عن الفحشاء والمنكر والمشاكل والهموم والأذى والشر فأنا بحاجة لها.
تصوَّر هذه الأسباب السبعة.. هناك أسباب كثيرة أنا اخترت هذه فقط لكي لى أطيل عليكم.. تخيل أنك تستحضر هذه السباب في دماغك وقت الصلاة تقول: ولله أنا الله سبحانه وتعالى يريدني/يناديني.. هناك ملك يقول لي: “حيَّ على الصلاة”.. طيب ماذا يريد مني؟ يريد أن يتجلي علي.. أن يرضى عني.. أن يبعدي عني الضرر.. يريد أن يطهرني.. يريد أن يخلصني من الذنوب.. يريد أن يستجيب دعائي.. يريد أن يغلفني بالرحمة.. يريد أن تحضر الملائكة هذه الصلاة لأن الملائكة تكتب وتصعد إلى الله تعالى.. الله يقترب مني في هذه الصلاة وقت السجود خاصة.. هذ المعاني عظيمة جداً يجب أن تحضر في دماغك كلما أذن.. ولله إذا استحضرت هذه المعاني صدقني أولاً ستستمع بالصلاة ولا تتمنى أن تنتهي.. ستشعر براحة نفسية كبيرة.. ستتخلص من عقدة الذنب وستجد أن أمورك كلها تنفتح وتتيسر وتُفتح الأبواب المغلقة.. تشعر باطمئنان {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].. تشعر براحة نفسية.. تشعر بالحياة الطيبة {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:97].
نسأل الله عز وجل أن نكون من الخاشعين.. من المتدبرين بكلامه.. من الذين{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة:119]
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بقلم عبدالدائم الكحيل
يمكنكم مشاهدة هذه الحلقة