معظم الناس يغفلون عنها.. هذه الصلاة تأتي في وقت النوم.. وقت معظم الناس غافلون.. معظم الناس لاهون.. عندما تستيقظ وتُحي هذه الصلاة فإن الله يُحي قلبك يوم تموت القلوب….
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه هي رسالتي لكل غافلٍ عن صلاة الفجر.. سنتأمل اليوم عشرة أسباب مهمة جداً قبل فوات الأوان لأن الموت يأتي فجأة كما تعلمون ولا ينفع الندم.
أول شيء وأهم شيء: اعلم أن الصلاة بشكل عام هي أحب الأعمال إلى الله.. أنت تعبد إله كريم.. عظيم.. رحيم.. رزقك نعمة السمع والبصر ورزقك من الطيبات وأكرمك الصحة.. هذا الإله الكريم يحب عمل.. عمل مهم يحبه جداً هو الصلاة.. فتبخل وتُنكر نعمة الله ولا تصلي وبخاصة صلاة الفجر لماذا اليوم أحب أن أركز على هذه الصلاة؟
معظم الناس يغفلون عنها.. هذه الصلاة تأتي في وقت النوم.. وقت معظم الناس غافلون.. معظم الناس لاهون.. عندما تستيقظ وتُحي هذه الصلاة فإن الله يُحي قلبك يوم تموت القلوب.
إذاً هذا أول سبب من أسباب التزامك بصلاة الفجر أن الله يحب هذا العمل كثيراً وأن الله سبحانه وتعالى أول شيء سيسألك عليه هو الصلاة يوم القيامة وأن الله عز وجل يرضى على الإنسان الذي يلتزم بهذه الصلاة.
السبب الثاني: يوم القيامة هناك ظلام.. يوم القيامة هو يوم عصيب.. هناك أهوال.. هناك عذاب.. هناك غضب.. الملك الجبار سبحانه وتعالى سيغضب غضباً يوم القيامة لم يغضبه من قبل لأنه يوم الحساب.. يوم الانتقام من الظالمين/من المجرمين الذين يقتلون الناس ظلماً.. الذين يأكلون أموال الناس.. الذين ينشرون الفاحشة في كل مكان.. الذين يضلون الناس.. الذين يظلمون الناس… هؤلاء يؤخرهم الله لذلك اليوم.. طيب ماذا عن الذي يُصلي الفجر؟
النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (بَشِر المشائين في الظُلم إلى المساجد ) يعني في الظلام ووقت الفجر يأتي في وقت ظُلمة.. بماذا بشرهم النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال: (نور تام يوم القيامة) نور كامل.. نحن اليوم عندما تنقطع الكهرباء أو ينقطع النور.. ليلة واحدة لا نتحمل فكيف ستقف يوم القيامة 50 ألف سنة؟! {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا*وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج:6-7] يوماً كان مقداره 50 ألف سنة.. كيف ستقضي هذا اليوم في ظلام وحر وعرق والسير على الصراط أمر صعب جداً وجهنم بانتظار كل غافل عن الصلاة {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر:42] وهو وادٍ في جهنم.. وادٍ سيء جداً فيه أشد العذاب والعياذ بالله {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:43].
أول سبب: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:43] والصلاة هي شفاء للقلب.. شفاء للروح.. تُعلمك النظام.. تُعلمك الخشوع.. هي راحة للقلب.. راحة للفؤاد.. راحة للنفس.. فرصة أن تهرب من مشاكل وهموم العصر وتهرب من الناس وتقف بين يدي رب الناس وتتواصل معه.. الصلاة هي صلة بينك وبين الخالق العظيم سبحانه وتعالى.
الحقيقة هناك سبب أنا أراه مهماً للحفاظ على هذه الصلاة أيضاً: لعظمة هذه الصلاة الله عز وجل اختارها لتكون الصلاة الوحيدة التي يكون أذانها مختلف عن بقية الأوقات.. نحن نعلم أن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء.. نعلم كلمات الآذان فقط في صلاة الفجر يُضاف لها: (الصلاة خيرٌ من النوم.. الصلاة خيرٌ من النور) لماذا هذه الإضافة؟ ليقول لك الله عز وجل هذه صلاة مميزة.. إياك أن تغفل عنها.
الشيء الثاني: مَن يُصلي صلاة الفجر طيلة اليوم يبقى في ذمة الله تبارك وتعالى.. ما معنى في ذمة الله؟ يعني في حماية الله وفي كنف الله وفي رعاية الله والله يُشرف عليك تماماً مثل مَلك يقول لك: أنت في حمايتي.. أنت في رعايتي.. أنت في ذمتي يعني مسؤول عنك.. يؤمن لك كل ما تطلب.. يؤمن لك الحماية من الشر وهذا نحن طبعاً نفرح به إذا تم من قبل إنسان عادي.. إذا قال لك أحد الناس المقتدرين الأغنياء مثلاً: أنت على مسؤوليتي أو في ذمتي أو في رعايتي.. تفرح كثيراً.. فكيف إذا كان الملك سبحانه وتعالى مالك المُلك هو الذي يجعلك في ذمته ورعايته وحفظه وكرمه ورحمته.
لذلك يعني صلاة الصبح مهمة جداً فيها أنوار تُفتح أمامك لأن لحظات الفجر لحظات هادئة.. الناس غافلون.. الناس نائمون.. بعض الناس يلهو.. بعض الناس يشغلهم الشيطان ولكن أنت تستيقظ وتقف بين يدي الخالق عز وجل وتناجي الله سبحانه وتعالى.. فماذا يوجد أجمل من ذلك؟!
السبب التالي: هناك ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار.. فعند صلاة الفجر هناك ملائكة تأتي لتُسجل عملك وتصعد به لله عز وجل فتخيل أنت وقت الفجر تكون نائم.. وبالتالي المَلك يصعد بلا شيء (صفيحة فارغة) بينما عندما ينزل الملك في صلاة الفجر.. في صلاة العصر.. وقتين فيقول الله للملائكة: “كيف وجدتم هؤلاء العباد” قالوا: “يا رب تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون” فلذلك وقت العصر مهم جداً أيضاً لأنه وقت صعود الأعمال ووقت الصبح أيضاً.. فبدلاً من أن تلهو وتنام وتغفل.. لا أنا ألتزم بهذه الصلاة وأتخيل وأنا أصلي أن هناك ملائكة تُسجل.
لذلك الله عز وجل وهذا سبب آخر أيضاً مهم: ذكر في القرآن أن صلاة الفجر تشهدها الملائكة.. يعني أنت عندما تؤدي هذه الصلاة فإن صلاة الفجر تأتي ملائكة والملائكة أنواع وأصناف.. هناك ملائكة متخصصصون بصلاة الفجر يأتون ليشهدوا قراءة القرآن.. لذلك قال الله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:78] مشهوداً من قبل الملائكة يشهدونه ويسجلون ويصعدون إلى الخالق سبحانه وتعالى.
السبب السابع وهو بشرى من الحبيب صلى الله عليه وسلم: أنه مَن صلى الصبح دخل الجنة.. قال عليه الصلاة والسلام: “مَن صلى البردين، دخل الجنة” ويُسمى الوقتين العصر والصبح بالبردين لبرودة الوقت الذي تؤدى فيهما هاتين الصلاتين.. فمَن صلى الصبح دخل الجنة.. سبحان الله بُشرى من النبي عليه الصلاة والسلام.. وعندما تحافظ على صلاة الفجر هذه المحافظة تبعث في نفسك حافزاً أيضاً لتحافظ على بقية الصلوات لأنك في ذمة الله فالشيطان يبتعد عنك وتدخل في كنف الله وبالتالي أنت في رعاية الله.. أنت في حِفظ الله.. يحفظ من كل الشرور.. فلذلك صلاة الفجر صلاة مهمة جداً.
هناك براءة من النار أيضاً يعني تدخل الجنة وتُكتب لك براءة من النار.. النبي عليه الصلاة والسلام يقول: “لا يلج النار مَن صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها” قبل طلوع الشمس: صلاة الفجر وقبل غروبها: صلاة العصر.. انظر إلى هذه البُشرى أيضاً من النبي عليه الصلاة والسلام.. يعني بُشرى بالجنة وبراءة من النار.. وبالتالي يعني ثواب عظيم وشيء يرغبك أن تستمر عليه وتحافظ عليه.
أيضاً هناك سبب آخر: أن ركعتي الفجر خيرٌ من الدنيا ومافيها.. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.. وبعض العلماء قال: إن ركعتا الفجر “السُّنة وليس الفرض” إذا كانت ركعتا السُّنة ثوابهما بهذا الحجم “خيرٌ من الدنيا ومافيها” فكيف بالفريضة؟!
تخيل أن كل فجر تُصليه خيرٌ من كل هذه الدنيا.. تخيل لو أنه جاءك أحد وقال لك: أناسأعطيك الدنيا كلها.. أمر لا يُصدق.. الركعتان من الفجر خيرٌ من الدنيا ومافيها لماذا؟ لأن هاتين الركعتين تبقيان في ميزانك يوم القيامة ويُكافئك الله عليهما بجنةٍ غرضها السماوات والأرض بينما الدنيا ستزول {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن:26]… إذاً لا خير في مُلكٍ زائل.. كل الناس سيموتون وأنا وأنت سنموت وسنترك هذه الدنيا.. إذاً احرص على أن تتملك هناك في الآخرة وليس في هذه الدنيا الفانية.
السبب الأخير لهذه الصلاة: الحقيقة صلاة رائعة جداً.. غير أنها تُهدئ النفس ويعني فيها أثر وثواب عظيم جداً كأن ما قمت الليل كله.. “ومَن صلى الفجر أو الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله” وهذا ما أكده النبي عليه الصلاة والسلام.. تخيل أنك طوال الليل قد تكون غافلاً.. قد تكون منشغلاً في أمور دنيوية.. كيف تضمن أن تقوم الليل وذلك كل ليلة؟ فقط صلاة الصبح حافظ عليها والصلاة لن تأخذ معك أكثر من 5 دقائق.. تصور لو أنك صليت الفجر كل يوم فكأنما قمت الليل كل يوم.. انظر كم من الحسنات وكم من الأجر؟
طبعاً هذا جزء بسيط من فوائد صلاة الفجر.. لو أردنا هناك الكثير والكثير… فوائد طبية.. فوائد نفسية.. فوائد العمود الفقري.. فوائد لعلاج الحزن والاكتئاب…
لذلك احرص على هذه الصلاة لتحظى بجنةٍ عرضها السماوات والأرض وتُكتب لك براءة من النار إن شاء الله جميعاً وتُكون في ذمة الله وفي كنف الله ورعاية الله وحِفظ الله فماذا تريد أكثر من ذلك؟!
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المحافظين على الصلوات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بقلم عبدالدائم الكحيل
يمكنكم مشاهدة هذة الحلقة
