الحقيقة هناك أدعية يحتاج إليها الإنسان في المواقف الصعبة.. كل واحد منا يتعرض يومياً لمواقف مختلفة.. يتعرض لابتلاءات..هذا أمر إلاهي لأن الإنسان خُلق في كبت محفوف للابتلاءات والمخاطر…..
بسم الله الرحم الرحيم
لماذا أحرص على هذا الدعاء ولا أتركه أبداً؟
الحقيقة هناك دعاء ربما الكثير منا يغفل عنه.. دعوني أقرأ لكم هذا الحديث العظيم الذي علمنا إياه النبي عليه الصلاة والسلام.. دعاء نلجأ إليه في المواقف الصعبة.. المشاكل التي يصعب حلها أو التي أنت تتخيل أنها مواقف عظيمة أو مشاكل عظيمة لا يمكن حلها.
قال عليه الصلاة والسلام: “ألظوا بي يا ذا الجلال والإكرام” احفظ معي هذا الدعاء.. ألظوا أي الزموا واجتهدوا بهذا الدعاء.. يا ذا الجلال والإكرام وهنا النبي عليه الصلاة والسلام يستخدم هذا الفعل ألظ ليقول لك: إذا استعصى عليك أمر.. أردت أن تدخل على شخص من ذوي السلطة مثلاً وأنت تخشى وأنت تخاف أو أنك تحمل هماً كبيراً كيف ستقضي حاجتك؟
الحقيقة ما معنى “يا ذا الجلال والإكرام“؟ الله عز وجل هو ذو الجلال والإكرام.. جلال الله يتجلى علينا من خلال رحمته بنا ومن خلال قدرته على عباده.. فهذا الشخص الذي تراه كبيراً في عينك ولك حاجة عنده طبعاً.. صدقني سيصبح أمامك عبارة عن إنسان عادي جداً لأن الملك ذا الجلال والإكرام معك.. المتصرف بكل ذرة في هذا الكون هو معك لأنك تقول: “يا ذا الجلال والإكرام” تكررها على الأقل سبع مرات.. ألظوا فيها معنى التكرار واللجوء والالتجاء إلى الله وأن تلزم هذا الدعاء وتكرره باستمرار.
“يا ذا الجلال والإكرام” الحقيقة هناك الكثير ممَن جرب هذا الدعاء وقضيت أمامه حاجات لا يتخيلها عقلك وأنا واحد طبعاً منهم.. ولا داعي لذكر الكثير من القصص لأننا نثق بكلام النبي عليه الصلاة والسلام فمادام النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بهذا الدعاء فهذا يعني أن هذا الدعاء فيه خير وفيه بركة وفيه قضاء للحاجة وفيه حل للمشاكل الصعبة وفيه علاج للمواقف الصعبة التي تكاد تكون مستحيلة يعني مثلاً إنسان ضاق به الحال في مشكلة زوجية مثلاً واستعصت على الحل.. صدقوني إذا لجأ إلى هذا الدعاء وعمل بأمر النبي عليه الصلاة والسلام “يا ذا الجلال والإكرام” ستصغُر هذه المشكلة أمامه وسيفتح الله له أبواب الحل لأن المشاكل الكبيرة في جوهرها قد تكون ضئيلة وصغيرة وتافهة ولا قيمة لها ولكنك تجهل المفتاح.. يعني أنت إذا أردت أن تدخل إلى بيت كم هو حجم البيت؟ كبير.. كم حجم المفتاح؟ صغير.. قارن حجم المفتاح بحجم البيت! تصوَّر أنك تريد أن تدخل هذا البيت وليس معك مفتاح.. لا تستطيع فترى عملية الدخول شبه مستحيلة بمجرد أن تملك هذا المفتاح الصغير ستدخل بسهولة ويسر.. وبالتالي هناك مفاتيح لحل المشاكل النبي عليه الصلاة والسلام علمنا إياها.
“ألظوا بي يا ذا الجلال والإكرام” هنا الله هو ذو الإكرام وهو أكرم الأكرمين فلا يبخل على عبدٍ يدعوه .. حاشا له ألا يستجيب دعاء مَن يدعوه {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60].. هذا قانون إلهي{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60].. الله عز وجل يستجيب دعائك بنسبة مئة بالمئة وحاشا لله أن يخالف كلامه.. هو القائل {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] معادلة رياضية.
طيب كثير من الناس تتأخر الاستجابة أو قد لا يجد استجابة أصلاً.. سأقول لك مثال بسيط ولله المثل الأعلى: عندما تحتاج إلى عمل جراحي مثلاً هل مباشرةً الطبيب يقوم بهذا العمل أم هناك إجراءات؟ هناك إجراءات وتحاليل طبية وهناك اختبارات وهناك إعداد وهناك فريق من الأطباء وهناك مشفى وتكاليف وهناك سلسلة طويلة من الاجراءات وقد تتأخر هذه العملية أحياناً أشهر.. قلبك لا يتحمل المخدر مثلاً.. هناك الكثير الموانع لو أجريت العملية الجراحية من دون هذه الحسابات ربما تودي بحياتك.
كذلك استجابة الدعاء لست أنت مَن يحدد تاريخ أو توقيت أو زمن الاستجابة لأنك لا تعلم الغيب.. لأن الإنسان ينظر إلى أمر على أنه خير لو تحقق الآن لكان شراً ولكن هذا الأمر لو تحقق بعد سنة لكان خيراً لك.. طيب مَن الذي يعلم الغيب؟ الله عز وجل.. أنت عندما تدخل في مشفى أو عملية جراحية.. انظر إلى حال مَن يدخلون تجده مستسلماً للطبيب.. مستلقياً ومستسلماً والطبيب يمكن أن يُخطأ فهناك أخطاء طبية.. العملية قد تفشل على الرغم من ذلك قد استلسلم لماذا؟ لأنه عَلِم أن هذا الطبيب يريد له الخير ويريد له الشفاء وهو بشر ضعيف.. طيب كيف برب العالمين سبحانه وتعالى الذي يعلم السر وأخفى ويعلم الغيب وبيده كل شيء؟
فالقضية تحتاج إلى التوكل على الله عز وجل.. أن تدعو ثم تتوكل على الله.. فإذا تحققت إجابة الدعاء فوراً فهذا هو الخير وإن تأخرت هذا هو الخير وأحياناً الله عز وجل إذا أحب عبداً وأراد به خيراً كثيراً يؤخر له الاستجابة إلى يوم القيامة لماذا؟ لأن يوم القيامة الإنسان يكون بحاجة لأي شيء.. لحسنة واحدة.. يوم القيامة يتخلى عنك كل الناس وتصبح وحيداً.. يوم القيامة هناك أهوال وفي الدنيا أقسى شيء يمكن أن تتخيله هو الموت والموت بعده لقاء الله عز وجل ولن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: “ولن تموت نفسٌ إلا بإذن الله” وكما قال الله تعالى: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}[آل عمران:145].
لذلك هذا الدعاء مهم جداً “يا ذا الجلال والإكرام” وطبعاً ادعو بحاجتك “يا ذا الجلال والإكرام اشفني” “يا ذا الجلال والإكرام يسرلي لي هذا العمل” “يا ذا الجلال والإكرام اقضي لي هذا الأمر أو هذه الحاجة” ادعو به ما تشاء لأنه ربٌ كريم وهو قريب منك ويسمعك ولله يحب أن يسمع دعاء عبده.. يحب أن يسمع لهفة عبده إليه.. فإذا تأخرت الإجابة اعلم أن الله يريد بك خيراً.
وبالتالي هذا الدعاء حقيقةً أنا شخصياً لا أستغني عنه وبخاصة عند المواقف الصعبة تجدني أكثر من هذا النداء: “يا ذا الجلال والإكرام” وسبحان الله أجد الخير وأجد الفرج وأجد التيسير وبالتالي تزداد ثقتي بهذا النبي الكريم وتزداد ثقتي بالله عز وجل.. أنا هذا ما أريد أن أصل معك إليه: زيادة الثقة بالله وهذا هو الطريق للتوكل على الله.. تماماً المريض عندما يستلقي ويُسلم نفسه للأطباء وهم بشر معرضون للخطأ كما قلنا ومعرضون للمشاكل.. الطبيب قد يموت قبل أن يجري العملية.. رب البشر عز وجل هو الذي يعلم كل شيء ويعلم أين مصلحتك ويعلم مصلحتك ومتى تتحقق ويعلم ما هو الخير الذي يُصلحك وبالتالي هو الذي يحدد متى يستجيب وكيف يستجيب وفي أي وقت وفي أي مكان وفي أي مناسبة وكيف… إذا استخدمت هذا الدعاء وغيره من الأدعية طبعاً سوف تزداد ثقتك بالله.. كلما تحققت الاستجابة تزداد ثقتك بالله حتى تصل إلى درجة التوكل على الله كما يتوكل أو تتوكل الطيور على الله.. الطيور تخرج لا تدري أين رزقها ولا يوجد طائر أصلاً يتخذ أسباباً سوى السعي.. ليس لديهم أسباب هو يخرج وهذا الطائر ينطلق يميناً وهذا يساراً وهذا في مكان صحراء وهذا في جبل وهذا في بحر وهذا في نهر وهذا في غابة وكلهم الله عز وجل يضمن لهم الرزق ويعودون بطونهم قد تكون امتلأت بسبب التوكل على الله عز وجل.
لذلك التوكل على الله ضروري جداً لاستجابة الدعاء لأن الله تبارك وتعالى هو القائل: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].
نسأل الله عز وجل أن نكون منهم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بقلم عبد الدائم الكحيل
يمكنكم مشاهدة هذه الحلقة
