ماذا يفعل الإنسان الذي تعسر زواجه؟ هل هناك أدعية بالفعل لها تأثير على خطة حياة الإنسان؟…هل يمكن للأدعية بالفعل أن تُسرع أو تُيسر هذا الأمر؟….
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
عصرنا هذا عصر مظلم جداً.. الكثير من الشباب والبنات ظُلموا بسبب تغير مفاهيمنا عن الحياة الزوجية وبسبب الصعوبات وبسبب المتطلبات الكثيرة وبسبب تغيير نظرتنا للزواج.. ما هو الزواج أصلاً هل هو عبارة عن مظاهر وترف وفرح وإلى آخره أم أنه شيء آخر؟
الحقيقة إذا أردتْ أولاً أن يُيسر الله لك الزوجة أو إذا أردتِ أن يُيسر لكِ الله الزوج الصالح يجب أن نغير نظرتنا لهذا الموضوع.. فالزواج هو سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: “فمن رغب عن سنتي فليس مني“ وهو آية ومعجزة من آيات الله {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21].. يجب أن تنظر إلى الزواج على أنه سكون {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة:187] يجب أن تنظر إلى الزواج أنه ذرية صالحة.. أنه أمر يُرضي الله وليس هو مظاهر ومتعة و متطلبات الحياة.. لا، أول شيء حتى الدعاء تستطيع أن تنفِّذ هذا الدعاء أو هذا الدعاء يُيسر الله لك ببركته الزوجة الصالحة ينبغي أن تغير نظرتك للأمور لأن هذه هي المشكلة الرئيسية.. اليوم كثير من الشباب أمامه الكثير من البنات ولكن هناك مشاكل البيئة فرضتها.. الثقافة فرضتها.. الإعلام فرض علينا مشاكل لم تكن في رؤوسنا قديماً (قبل مئات السنين) {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11] يجب أن تغير نظرتك لهذا الموضوع.
أول شيء: يجب أن تعتبر أن الزواج عبارة عن أمر يرضي الله.. ليكن هدفك هو الله عز وجل وليس الدنيا لأنك إذا انغمست في الدنيا ستغرق في بحر من المشاكل وهذا ما يحدث في الكثير من البيوت الزوجية للأسف.
اليوم انظروا إلى المحاكم.. انظروا إلى المشاكل الزواج والطلاق وغير ذلك… عندما تعتبر أن الزواج هو أمر الهدف منه أن ترضي الله أولاً وأن تنجب الذرية الصالحة.. انظر لبعيد حتى إن الله عز وجل قال: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ} [النساء:19] أحياناً الإنسان يكره زوجته.. يكره شكلها.. يكره بعض التصرفات.. يكره بعض الكلمات.. يكره بعض العادات… الله ماذا قال لك؟ قال: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء:19] انظر للمستقبل أنت لا ترى الغيب فلا تنظر إلى الشكل الخارجي والمواصفات والإمكانيات وغير ذلك… انظر ما الذي يُرضي الله؟ هذا هو السؤال الرئيسي الذي يجب أن تضع نفسك أمامه.. سيدنا موسى سأعطيك مثال: هل كان يبحث عن المتعة؟ لا، لو كان يبحث عن المتعة فرعون لديه أجمل النساء.. هو هرب من الكفر والضلال.. هرب من فرعون وهرب من فتنة النساء.. سيدنا يوسف هل كان يبحث عن المتعة؟ عن الجمال؟ عُرضت عليه امرأة العزيز الفاتنة الغنية المُسيطرة وغَلَّقت الأبواب وقالت: هِئتُ لك.. كيف كان رد فعله؟ قال: معاذ الله لماذا؟ لأن دائماً في تفكيره الله موجود سبحانه وتعالى فمباشرةً قال: معاذ الله.
طيب سيدنا زكريا ماذا أراد من الزواج؟ هل أراد المتعة؟ لا، {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا*قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم:3-4] أصبح شيخاً كبيراً والعظم وهن وضعف (هشاشة العظام) {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا*يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم4-6] إنسان في عمر الثمانين أو ربما أكثر هل هذا يريد متعة؟ لا، هو ينظر إلى المستقبل ويريد ولد يدعو الله ويرث النبوة.
لذلك اجعل نظرتك للبعيد والله سييسر لك.. ستجد أن متطلباتك أصبحت بسيطة جداً لماذا؟ لأن الجمال لم يعد هو الهدف.. الشكل لم يعد هو الهدف.. الأموال لم تعد هي الهدف.. أصبح لديك هدف أعظم بكثير هو الآخرة.. طيب هناك دعائين في القران أنا أحببت أن نحفظ دعاء سيدنا موسى ودعاء سيدنا زكريا.
سيدنا موسى ماذا قال عندما جاء إلى ظل الشجرة وأراد الزواج؟ {قَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص:24].. انظر صياغة الطلب أو الدعاء لم يقل: يا رب زوجني.. ماذا قال؟ {إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص:24].. لولا أن الآية التالية تقول: { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25] لم نفهم ماذا يريد.. نحن فهمنا أنه يريد الزوجة الصالحة عندما أخبرنا الله: { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص:25] سبحان الله على الفور لماذا؟ لأنه أولاً غير نظرته لهذه الأمور وغير نظرته للدنيا.. والله بمجرد أن تُغير نظرتك لقضية الزواج ستأتيك الزوجة أو الزوج.. يأتيك الزوج راغماً قانعاً وبأسباب الله يُقدرها.
إذاً احفظ معي دعاء سيدنا موسى ولكن يجب أن تدعو الله وهو قريب منك.. تخاطب إلاهاً قريباً منك يراك ويسمعك ويعلم ما في نفسك ويعلم حاجتك.. قُل: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص:24] وكرر هذا الدعاء.
الدعاء الثاني: سيدنا زكريا دعا أن يُصلح الله زوجته وأن يرزقه الولد ماذا قال؟ {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ} [الأنبياء:89] هنا أريدك أن تحفظ هذا المقطع: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء:89] يا رب لا تتركني وحيداً هكذا وأنت خير الوارثين.. هيئ لي الزوجة الصالحة وهيئ لي مَن يرثني من الذرية الصالحة كما تحب وترضى وسَلِّم الأمر لله تسليماً كاملاً ويجب أن تعتقد هذه قواعد مهمة أن المرأة التي ستتزوجها مكتوبة عليك مسبقاً.. لا تُتعب نفسك ولكن أنت فقط كُن مع الله والله سيهيئ لك الأسباب فلا تفكر كثيراً بما يتعلق بالمواصفات وغير ذلك فكر دائماً بالجوهر الداخلي وفكر بقضية الدين.. قضية الأخلاق.. قضية حسن الخُلق.. السمعة الطيبة.. أناس متواضعون يقدرونك ويحترموك ولا تنظر إلى الأعلى تتعب بل انظر إلى مَن هو أدنى منك تشعر بنعمة الله عليك.. كذلك بالنسبة للمرأة التي تأخر زواجها تُخفف من أحلامها الرومانسية فكل ما تشاهدونه على الإنترنت والتلفزيون كله تمثيل والدليل على ذلك: الأزواج في المسلسلات الذين يقومون بدور الزوج اللطيف الرومانسي المحبب إلى النساء وإلى آخره والذي يمارس علاقة خيالية عاطفية مع زوجته أو حبيبته تجده في الواقع يطلق ثم يتزوج وهي كذلك نجد مَن يهتم بأخبار الفنانين والفنانات تزوجت فلانة وطلقت ثم تزوجت وطلقت ثم ثم… ماذا يدل ذلك؟ على أنه في حياته العملية فاشل ولم ينجح في الحياة العملية فإذاً هذا كله تمثيل ولا تنظر إليه.. الحياة فيها مشاكل وفيها عيوب وفيها أخطاء وفيها ابتلاءات… أنت ستدخل في شركة الزواج هو الشركة.. شراكة مليئة بالأحداث تتحلى بالصبر وبالتواضع وأن تصبر على ما تكره وأن تنتظر الخير وأن يكون هدفك هو الله سبحانه وتعالى ومرضاة الله.
إذاً لا ننسى هذين الدعائين: الأول: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص:24] والثاني: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء:89].
نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوالنا جميعاً {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت:39].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته.
بقلم عبدالدائم الكحيل
يمكنم مشاهدة هذه الحلقة