» أسرار الإيمان واليقين

أتمنى أن أتوب ولكن لا أستطيع..خطوات لتسريع التوبة.

الحقيقة أن هناك الكثير من الأسئلة التي ترد حول هذا الموضوع.. لماذا أصبح الشيطان يستحوذ علينا فإذا غرقنا في المعصية لا نستطيع أن ننجو بأنفسنا منها؟.. هل هناك أدعية معينة؟ هل هناك آيات قرآنية يمكن أن يقرأها الإنسان تُسرع له في توبته إلى الله؟…

هذا السؤال وردني: أتمنى أن أتوب ولكن لا أستطيع.. ما هو الحل؟

هذا ما سنتعرف عليه في هذه المقالة إن شاء الله.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

الحقيقة كثير من الناس يتساءل عن عدم قدرته على التوبة.. هو يعلم أن هذه المعصية خطأ جسيم ويعلم أنها تغضب الله ويعلم أن الله يراه ويعلم أن العقوبة قد تكون في الدنيا قبل الآخرة وعلى الرغم من ذلك لا يستطيع أن يتوب ويندم ويقلع عن هذه المعصية لماذا؟

الحقيقة القضية يجب أن نحللها ببساطة.. التوبة ما هي التوبة؟ التوبة مثل نبتة تحتاج إلى بيئة.. تحتاج إلى ماء..إلى تربة صالحة… أنت أخذت بذرة ووضعتها في صحراء.. في رمال جافة.. لا ماء ودرجة حرارة عالية كيف تُنبت التوبة؟ كذلك تحتاج إلى البيئة الصالحة.. ما هي بيئة التوبة المناسبة؟

أول شيء: يجب أن أحدث التغيير في داخلي أنا قبل أن أنظر للخارج لأن الله تبارك وتعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} [الرعد:11].. أي لا يغيروا حال هؤلاء القوم {حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].. التغيير يبدأ من الداخل (من داخلك).. أنت يجب أن يكون عندك نية التوبة.. النية موجودة هذا أول شروط التوبة: أن يكون لديك نية للتوبة..

الشيء الثاني: يجب أن تشعر بمراقبة الله لك لأن كثير مِمَن لا يستطيع أن يتوب فقد هذه الناحية المهمة جداً.. أن تشعر أن الله يراك دائماً في نومك.. في يقظتك.. في معصيتك… ويجب أن تعلم أن أي معصية وراءها الشيطان يترصد بك ويمنعك من التوبة {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} [المجادلة:19].. السلاح القوي جداً الذي تطرد به الشيطان: هو ذكر الله لأن الشيطان أكثر ما يكره ذكر الله سبحانه وتعالى.. القرآن هو ذكر الله.. اقرأ القرآن.. ادعو الله وقُل: “سبحان الله” وقُل: “أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفسه”.. تواصل مع الله واقطع علاقتك مع الشيطان.. هذه كلها ظروف تهيئ لك التوبة.

الإنسان عندما يظن أن التوبة مجرد كلمة هو مُخطئ.. التوبة كما قلت لك: تحتاج إلى ظروف مناسبة لتتوب.. أحياناً لديك صديق سيء يدخن ويشاهد أفلام إباحية وقد يشرب الخمر أو المخدرات ويشغلك عن ذكر الله.. ما دمت متمسك بهذا الإنسان كيف ستتوب يجب أن تُحقق أسباب التوبة.. من أسباب التوبة أن تبحث عن الصديق الصالح وأفضل صديق لك هو القرآن.. صدقني في هذا العصر ربما نادراً ويجب أن تكون محظوظاً حتى توفق بواحد أو اثنان أو ثلاثة من الناس الصالحين الذين يحرصون عليك ويدلوك على الخير ويريدون لك الخير.. فإذا لم تجد فعليك بكلام الله سبحانه وتعالى هو خير جليس وخير مؤنس وخير صديق لك.. القرآن العظيم لا يمكن أن يدلك إلا على الخير والقرآن يمنع عنك شر الشيطان لأن الشيطان يهرب من القرآن.. الشيطان يفر من البيت الذي تُقرأ فيه سوره البقرة.. الشيطان يفر من الآذان.. الشيطان يفر من ذكر الله.. ولكن بشرط أن تستحضر عظمة الله وأنت تذكره.. لا أن تذكر الله تقول: “سبحان الله” وعقلك وقلبك في مكان آخر مع الدنيا.. لا، التوبة هي عمل ليست مجرد كلمة.. الله سبحانه وتعالى يقول: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم:60].

هناك مراحل: تبدأ إذاً بالنية: أن تنوي التوبة وبخاصة قبل النوم (كل يوم قبل أن تنام).. هذه الدقائق القليلة قبل النوم مهمة أن تتوب إلى الله وأن تعاهد الله ألا تعصيه أبداً وأن تتوب إليه وتقول: يا رب أعني على الوفاء بعهدي معك.. أعني على التوبة.. يسر لي هذه التوبة النصوحة.. والله يناديك ويقول لك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم:8].. هو يريدك أن تتوب.. هو يحبك.. هو حرم عليك هذه المعصية لأنها تضرك.. يعني الأب عندما يرى ابنه يسير في طريق خطأ فيحاول أن ينصحه وأن يدله على الخير فيقول: يا بني لا تفعل كذا.. لا تصاحب هذا الإنسان السيء.. تعال إلى ذكر الله تعالى.. إلى الصلاة.. تعال إلى العمل الصالح… فهذا أب رؤوف حنون بابنه يريد له الخير طيب كيف بالله الذي هو أرحم الراحمين؟

يجب أن تعلم أول شيء: أن الله يدعوك ليغفر لك.. يدعوك لتتوب {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي} [غافر:60].. هو الذي يقول لك: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60].. انظر قمة الرحمة.. قمة الرأفة بعباده سبحانه وتعالى.. لذلك أنت إذا أردت أن تتوب كما قلت لك فَتِش عن الأسباب التي تمنعك من التوبة ما هي؟

أول سبب: النية.. يجب أن تكون نية التوبة دائماً عندك وبخاصة كما قلت لك قبل النوم ووقت الاستيقاظ (عندما تبدأ يومك) حتى وأنت تعصي الله وإذا أُرغمت على المعصية وطالك الشيطان يجب أن تنوي أن تتوب إلى الله {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} [الأعراف:201].. يعني هم بالمعصية لم يعصي الله مجرد طائفة {تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201].

ذَكر الله.. احرص أن تقرأ القرآن كل يوم.. أن تستمع لسورة البقرة التي تطرد الشيطان من البيت.. أن تبتعد عن الصديق السيء.. أن تخلق من حولك البيئة المناسبة للتوبة.. أن تعلم أن الله قريب منك يعني تخيل وأنت تعصي الله إذا اكتشفت وجود كاميرا مثلاً تصورك في هذه المعصية تخاف وتحاول أن تترك المعصية وتحاول أن تفعل أي شيء لكي لا يراك أحد طيب أنت جعلت الله عز وجل أهون الناظرين إليك (لا تبالي) يعني الله ينظر إليك ولا تبالي ولكن تبالي وتخاف إذا رآك ولو طفل صغير.

إذاً تقرب من الله.. ادعو الله عز وجل.. استغفر الله وتُب إليه 100 مرة كل يوم و لا تنسى أن تحافظ على ذكر الله وعلى الصلاة وقراءة القرآن لتطرد هذا الشيطان من البيت والله سبحانه وتعالى {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [التوبة:15].

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم التوبة النصوحة {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت:39].

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


بقلم عبد الدائم الكحيل

 

يمكنكم مشاهدة هذه الحلقة

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك