قرع تقرير للوكالة الدولية لأبحاث السرطان IARC ناقوس الخطر، بعد أن سلّط الضوء على الأعداد المتزايدة بكثرة لمرضى السرطان، وبالتحديد من الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل….. |
يؤكد هذا التقرير الصادر حديثاً أن قضية التدخين في مقدمة الأسباب المؤدية لمرض السرطان، وبخاصة في الثمانينات والتسعينيات، مشيراً إلى أن عدد المدخنين في العالم وصل إلى حوالي 1.3 مليار شخصاً، ويتوقع أن يصل إلى الذروة مع حلول عام 2030، علما أن القاتل الأول للكثير من المرضى هو سرطان الرئة. كما سجل مؤخراً ارتفاعاً في عدد إصابات سرطان الثدي، وصلت إلى حوالي 5 بالمئة سنوياً.
بينما يعتبر سرطان الرحم، والذي هو من أكثر الأنواع قابلية للوقاية والعلاج في الدول الصناعية الكبرى، السبب الأساسي للوفاة لدى نساء الدول الفقيرة، بما فيها مناطق متعددة من أفريقيا. وهذا التقرير استطاع توضيح بعض نقاط الاختلاف بين حدوث المرض وأسباب الوفاة، من ضمنها أن نسبة حدوث سرطان الثدي في اليابان، سنغافورة، وكوريا قد تضاعفت مرتين أو ثلاث مرات خلال العقود الأربعة الأخيرة.
وفي دراسة سابقة تبين أن حظر التدخين في الأماكن العامة يقلل النوبات القلبية! فقد قال خبراء اتحاديون في الصحة أن حظراً على التدخين أدى إلى انخفاض الإصابة بالنوبات القلبية بأكثر من 40 في المئة في مدينة أمريكية وأن هذا الانخفاض استمر ثلاثة أعوام. وأصدرت مدينة بويبلو في ولاية كولورادو قانوناً محلياً يحظر التدخين في أماكن العمل والأماكن العامة في عام 2003 وتتبع مسؤولو المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بعد ذلك حالات الإصابة بالنوبات القلبية التي نقلت إلى المستشفيات.
ووجدوا أن المستشفيات في بويبلو استقبلت 399 حالة إصابة بنوبة قلبية على مدى 18 شهراً قبل الحظر، مقارنة مع 237 حالة في العام ونصف العام التاليين وهو انخفاض بنسبة 41 في المئة. وقال الفريق في التقرير الأسبوعي للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها الخاص بالوفيات والأمراض إن هذا الأثر استمر ثلاثة أعوام. وقالت جانيت كولينز مديرة المركز القومي للوقاية من الأمراض المزمنة والحفاظ على الصحة التابع للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها “نعرف أن التدخين السلبي له آثار ضارة مباشرة على أنظمة القلب والأوعية الدموية وأن التعرض له لمدة طويلة يمكن أن يكون سبباً لأمراض القلب في البالغين غير المدخنين.
إن هذه الدراسة تضيف إلى الأدلة الموجودة بأن سياسات عدم التدخين يمكن أن تقلل بشكل كبير الإصابة والموت بأمراض القلب. وتقول المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إن التعرض للتدخين السلبي لفترة طويلة يمكن أن يزيد معدلات الإصابة بأمراض القلب في البالغين غير المدخنين بنسبة 25 – 30 في المئة.
وتشير التقديرات إلى أن التدخين السلبي يقتل حوالي 46 ألف أمريكي كل عام بأمراض القلب وحدها. كما يسبب التدخين أيضاً أمراضاً سرطانية مختلفة وكذلك الجلطات وانتفاخ الرئة أو مرض انسداد الشعب الهوائية المزمن.
في دراسة أمريكية تبين أن سرطان الرئة هو الأكثر فتكاً بين أمراض السرطان الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية، أما في الهند فيعتبر مضغ التبغ عامل خطورة أساسي لحدوث السرطان. وعلى العموم، واحد من بين ثلاثة أشكال للسرطان في البلدان الفقيرة أو متوسطة الدخل، سببها الالتهابات المزمنة، مثل التهاب الكبد B، داء الحليمات الفيروسية HPV ومرض نقص المناعة المكتسب أو الايدز، علماً أن هذه السرطانات تعتبر قابلة للعلاج والوقاية، إلا أن التطعيم، المسح الاستقصائي، والعلاجات كلها غير متوفرة بصورة كافية في هذه البلاد.
واستجابة لهذا التقرير انضمت الجمعية الأمريكية للسرطان ACS إلى باقي الجهات المطالبة بتصرف عملي بهدف نشر برامج مكافحة التدخين عالميا، والدعوة إلى تشجيع أبحاث السرطان الهادفة إلى الحد من انتشار هذا المرض الخطير.
هل علمنا لماذا حرَّم الإسلام التدخين؟
بعد هذه الدراسات التي لا نشك في صحتها ندرك أن التدخين هو وباء العصر، وأنه يفتك بأرواح الملايين كل عام، وبالتالي فإن العلماء لا يعرفون الكيفية التي يجنّبون بها الناس هذا الشرّ، فتارة يقومون بوضع الإعلانات وتارة يمنعون التدخين في الأماكن العامة… ولكننا نرى أن نسبة التدخين في تزايد مستمر.
ولكن الإسلام الذي عالج تعاطي الخمور وحرمها نهائياً، واليوم يمكننا القول بكل ثقة إن الدخان محرّم لأن أضراره أكبر مما نتصور بل لا تقل خطورة عن شرب الخمر. فالله تعالى يقول: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195]. وتعاطي الدخان يهلك الأنفس ويؤدي إلى الإصابة بنوبات قلبية وسرطانات متنوعة، ولذلك فقد نهى الإسلام عن كل ما يهلك النفس.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ضرر ولا ضرار)، والدخان هو ضرر واضح للمدخن ومن حوله، فهو يضر نفسه ويضر الآخرين، وهذا منهيّ عنه في الإسلام. والتدخين هو إسراف للأموال قد نهى الإسلام عنه أيضاً: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام: 141].
ولذلك ننصح كل من يدخن أن ينوي ترك هذا العمل ابتغاء وجه الله بنيّة خالصة، وسوف ييسر الله له أسباب ترك التدخين، وأن يدرك أنه لا يضر ولا ينفع إلا الله تعالى، وأن يلجأ إلى حفظ القرآن والاستماع إليه، فالاستماع إلى القرآن كل يوم هو أفضل أسلوب للمساعدة على ترك الدخان، نسأل الله العافية.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل