صلة الرحم قضية مهمة بدأ علماء الغرب يثيرونها اليوم لما لها من فوائد طبية ونفسية واقتصادية على المجتمعات البشرية.. لنقرأ….
أول شيء فقده الملحدون بعد تبني نظريات الإلحاد هو صلة الرحم، فلم يعد لبر الوالدين أي معنى، ولم يعد لمساعدة الأقرباء والعطف على الصغار أو زيارة المرضى أو الإنفاق على الفقراء.. كل هذه الأشياء لم يعد لها معنى في ظل الإلحاد.
ماذا كانت النتيجة؟ لقد نتج عن اتباع وهم الإلحاد أن كثرت المصحات ودور العجزة وأماكن رعاية كبار السن، وهذا ما يتكلف المليارات في الدول غير الإسلامية.
تتكلف الدولة البريطانية على رعاية كبار السن بحدود 120 مليار جنيه إسترليني وهذه التكلفة ترتفع مع زيادة متطلبات هؤلاء المرضى والمسنين والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والبحث عن حلول ناجعة، وجد الخبراء أن أفضل طريقة هي أن يتحمل أقارب هؤلاء كل الأعباء.
لقد بدأ الخبراء يدركون أهمية رعاية الكبار والعطف عليهم وتحمل نفقاتهم، لأن الفوائد كبيرة جداً، أهمها فوائد طبية ونفسية.. فبر الوالدين له أثر كبير على نظام المناعة لديهما، ووقايتهما من مختلف الأمراض وبخاصة الزهايمر أو الخرف.
إن صلة الرحم ومساعدة الأقرباء وزيارتهم ووصلهم هو سبب في سعادة الإنسان الذي يمارس ذلك، لأن صلة الرحم تشعر الإنسان بأنه يقوم بدور هام في حياته، وهذا ما يعطيه دافعاً للنجاح في حياته وحتى في حياته الاجتماعية والأسرية.
يؤكد الخبراء أن الدماغ هو أكثر الأعضاء استفادة من مساعدة الأقرباء وبر الوالدين والإحسان إليهما .. فالذي يبر أبويه يشعر بالسعادة لأن دماغه يفرز مادة دوبامين المسؤولة عن الإحساس باللذة.. كذلك الأبوين يستفيدان من هذه العاطفة فيتحسن أداء نظام المناعية لديهما… أي الفائدة مشتركة للأب والابن.. سبحان الله!
لقد عاد علماء الغرب أخيراً لتعاليم الإسلام التي تأمر بصلة الرحم وبر الوالدين.. ولكن الإسلام ومن قبل أكثر من 1400 سنة أعطانا قواعد مهمة للسعادة في الحياة وعلى رأسها صلة الرحم وبر الوالدين.
حتى إن الله تعالى جعل بر الوالدين على قدر من الأهمية يأتي بعد طاعة الخالق تبارك وتعالى فقال: (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا * وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 22-24].
وتأملوا معي هذا البيان الإلهي: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) [محمد: 22-23].. ففي هذه الآية تحذير شديد من قطع الأرحام، وهذا يؤكد حرص الإسلام على بر الوالدين وصلة الأقارب والعطف عليهم ومساعدتهم فيما يحتاجونه… ويؤكد أن الإسلام دين رحمة وليس دين إرهاب كما يحاول بعض الملحدين تصويره للعالم.
الآيات كثيرة جداً التي تأمر الناس بصلة الرحم ولو طبق كل واحد من الناس تعاليم القرآن لما بقي محتاج واحد على الأرض.. وسوف لن يبقى فقير واحد أو عاجز واحد .. ولن تجد أي دار للمسنين لأن الأقارب يتكفلون بهم.. وهذا سوف يخفف الضغط على الدولة لتقوم بتوفير هذه النفقات ووضعها في مجالات أخرى مفيدة… فالحمد لله على نعمة الإسلام.
….
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
مرجع: بي بي سي البريطانية.