في كل يوم يظهر اكتشاف علمي يناقض نظرية التطور بشكل صارخ.. ومن هذه الاكتشافات ما وجده العلماء حول حشرة اليعسوب.. دعونا نتأمل ونشكر الله تعالى على نعمة القرآن والإيمان…. |
حسب نظرية التطور فإن تصميم العين تطور من مخلوقات بدائية لا ترى إلى مخلوقات لها أعين مركبة مثل الحشرات ومن ثم إلى العين البشرية الأكثر تطوراً.. وتدعي نظرية التطور أن تصميم العين البشرية فيه عيوب ناتجة عن التطور، عيوب تطورية.. وأجزاء زائدة لا لزوم لها، هذه الأجزاء الزائدة هي نتاج التطور… ولكن هل هذا الكلام صحيح؟ دعونا نتأمل..
في دراسة يابانية جديدة (1) لمعهد National Institute of Advanced Industrial Science and Technology يؤكد الباحثون أن اليعسوب يتفوق على معظم الحشرات في الرؤيا! فلديه قدرة على التمييز بين 30 لوناً مختلفاً والمزج بينها.. بينما الإنسان يميز ثلاثة ألوان فقط هي الأحمر والأزرق والأخضر وما ينتج عنها من مزيج ألوان مختلف، فالإنسان ثلاثي الرؤية tri-chromatic vision.. فعين الإنسان فيها بروتينات حساسة تلتقط الألوان الثلاثة وتحللها تدعى opsins أي الإنسان لديه 3 أنواع من هذه الأوبسينات.
بينما اليعسوب لديه رؤية ثلاثينية، أي عشرة أضعاف الإنسان، فهو يملك 30 نوعاً من البروتينات الحساسة أو الأوبسينات بشكل يتفوق على بقية الكائنات المعروفة من حشرات أو حيوانات.. ولكن الغريب أن ظهور هذه الآلية المعقدة للرؤيا بشكل مفاجئ يربك علماء التطور، فهو يخالف كل ما يقوله التطوريون ولا يجدون له أي تفسير علمي!!
بل إن عين اليعسوب ترى الأشعة فوق البنفسجية التي لا يراها الإنسان، فهو يملك مجال رؤيا أكبر من الإنسان، بل إن اليعسوب لديه قدرة على تمييز الألوان بشكل أفضل من البشر (6)!!
إن عين اليعسوب تتحدى بل تدمر نظرية التطور.. فكيف يمكن لمخلوق نشأ قبل أكثر من 150 مليون سنة أن يتفوق على مخلوقات نشأت بعد اليعسوب بعشرات الملايين من السنين.. فالتطور لا يقبل مثل هذا الكائن! لأن نظرية التطور تقول بأن هناك عمليات تطور مستمرة نحو الأفضل والأكثر كفاءة والأكثر فاعلية… والواقع يؤكد أن هناك مخلوقات فعالة جداً مثل اليعسوب عاش قبل 150 مليون سنة وربما أكثر ولا زال يعيش ويتكاثر ويعمل بنفس الكفاءة.. فأين التطور وأين الاصطفاء الطبيعي وأن الطفرات العشوائية التي يتحدثون عنها؟
بل أين المخلوقات المتوسطة بين اليعسوب ومن سبقه أو من يليه من الحشرات… لا يوجد أي مخلوق متوسط، وكلما قدم العلم دليلاً جديداً للتطوريين على خطأ منهجم.. لجأوا لأسطوانة “السلف المشترك” حتى أصبح لدنيا أسلاف مشتركة أكثر من عدد المخلوقات ذاتها… فهذه السلسلة من الأسلاف المشتركة التي يهربون إليها.. أليس لها نهاية أو دليل من المتحجرات؟
يؤكد علماء الحفريات أو المتحجرات أنه لا يوجد حتى الآن دليل واحد على كائن متوسط بين كائنين، أي ما سماه داروين الحلقات المفقودة.. الجميع يؤكد أن كل كائن حي يظهر بشكل مفاجئ بتركيب كامل وآلية عمل متكاملة لا وجود لأي نقص أو خلل في أي مخلوق.
إذاً ما يعتبره بعض علماء التطور أدلة من علم المتحجرات… هذه الأدلة عبارة عن لا شيء! مجرد مخلوقات مختلفة عن بعضها، ولكن هناك بعض التشابه ويمكن أن نسميه التدرج، وليس التطور.. فالله تعالى خلق الكون وخلق الكائنات بشكل متدرج وفق نظام محكم.. ويبقى السؤال: لماذا تظهر الكائنات في سجل المتحجرات بشكل مفاجئ ودون أي علامات تطورية؟
اليعسوب Dragonfly أحد عجائب الخلق يتحدى نظرية التطور بشدة. فهو يصدر ألوان قوس قزح المتوهجة ليخيف أعداءه.. ولديه تصميم فريد لأجنحته التي تعمل بتوافق مذهل.. مع تصميم يميزه عن بقية الكائنات الشبيهة به..
هذا التصميم لم يحدث بالتدريج ولا يوجد دليل علمي على ذلك.. وبالتالي فإن اليعسوب ما هو إلا عبارة عن ذرات لعناصر من الأرض تم مزجها بنسب محددة ونفخ المعلومات فيها التي تغير تركيب هذه الذرات إلى تراكيب خلوية مع بث المعلومات التي يحتاجها اليعسوب ليتكاثر ويعيش ويكسب رزقه ويدافع عن نفسه.. وكل هذه المعلومات تم تحميلها على جينات هذا الكائن المميز (2).
إن الاختلاف بين الكائنات الحية ما هو إلا اختلاف معلومات لا أكثر ولا أقل!! فقد كشف العلماء عن سر الشريط الوراثي الذي يتحكم بمواصفات الكائن وقدراته وتكاثره.. فهذه المعلومات عند اليعسوب مثلاً مسؤولة عن شكل الأعين وألوانها وشكل الأجنحة وحجم اليعسوب وألوانه وسرعته وقدرته على الطيران والمناورة.. ومعلومات تتضمن طريقة التكاثر والانجذاب الجنسي وكيفية الاصطياد وتناول الطعام… وكل شيء يتعلق بحياة هذا الكائن (3).
إحدى متحجرات اليعسوب التي تعود للعصر الجوراسي Jurassic Period قبل 150 مليون سنة، وهذه المتحجرات Fossile موجودة في منطقة Solnhofen بجنوب ألمانيا.. هذه المنطقة تحوي العديد من الحشرات والحيوانات المتحجرة عبر ملايين السنين.. وجميعها تدل على وجود مخلوقات كاملة وكانت تعمل بكفاءة عالية جداً (4).. لا أحد يستطيع أن يدعي أن هذه المتحجرة لمخلوق غير كامل.. فهو يحوي جميع الأجهزة الضرورية لاستمرار حياته..
بل إن جينات هذا الكائن فيها برنامج التشغيل اللازم لضمان طيران هذا اليعسوب بكفاءة عالية واستمراره لملايين السنين.. وفي جيناته كل المعلومات الضرورية واللازمة لتقنيات الصيد والتكاثر والتأقلم مع أصعب الظروف…
يقول بعض الخبراء: ليس هناك أي متحجرة لمخلوق ناقص أو عشوائي أو يمثل مرحلة وسط بين مخلوقين.. على الرغم من ادعاءات بعض العلماء الذين لم يحصلوا على إجماع علمي. فقد ادعى بعض العلماء العثور على مخلوقات تمثل الحلقة المفقودة في سلسلة التطور.. ولكن هيهات أن يثبتوا ذلك بلغة الحقائق العلمية (5)!!
نظرية التطور لم ولن تتمكن من تفسير النظام المحكم في عالم المخلوقات، ولن تتمكن من تفسير البرامج المخزنة في جينات الكائنات والتي تتحكم بتكاثرها وحركتها وطريقة عيشها.. وكذلك لن تتمكن من تفسير الميزات التي يتميز بها كل كائن عن غيره، مثلاً الإنسان له ميزات فريدة لا توجد في أي مخلوق آخر.. كذلك النملة لها ميزات خاصة بها في البناء والاتصالات، النحلة كذلك في صناعة العسل… والسبب بسيط جداً!
لأن النظرية أغفلت شيئاً مهماً جداً وهو المعلومات المخزنة في هذه الكائنات.. نظرية التطور لا تعترف بوجود معلومات مخزنة مسبقاً، مع العلم أنه لولا هذه المعلومات لم يكن هناك حياة أصلاً.. فما هو الفرق بين قطعة حجر وبين طير مثلاً!! العناصر ذاتها (الأكسجين والكربون والهيدروجين… جميع العناصر موجودة ولكن بنسب مختلفة فما الذي يجعل الحجر حجراً والطير طيراً)!!!
هذه قطعة حجر وبجانبها طائر جميل، يمكن القول إنه لا يوجد أي فارق بين الحجر والطير!! فالعناصر الموجودة في الحجر موجودة في الطير ولكن بنسب مختلفة.. إذاً مالذي يجعل الحجر حجراً والطير طيراً؟ إنها المعلومات التي تم بثها في كل واحد منهما. فالمعلومة التي تم وضعها في ذرات الحجر جعلت منه حجراً، والمعلومة التي تم وضعها في الطير جعلت منها مليارات الخلايا… ورأيناه طيراً.
يمكنني القول: لا يمكن لأي ذرة أو أي خلية أو أي جزيء مثلاً أن يعمل إلا بوجود معلومات مخزنة بداخله وبشكل مسبق. هذا ما يتغافل عنه ما يسمى “العلم الحديث” الذي قام على تفسير الظواهر الكونية بمعزل عن خالق لهذا الكون.. وبالتالي لم يصلوا لأي تفسير علمي لأي شيء!
مثلاً مالذي يجعل ذرة الأكسجين تأخذ ذرتي هيدروجين لتشكيل جزيء ماء؟ لماذا لا يحدث العكس؟ ومالذي يجعل الماء مستساغاً وضروريا للإنسان بل هو أصل الحياة، لماذا الماء بالذات؟ ما هي المعلومات المخزنة في الماء لتجعله أساس الحياة؟؟ ومليارات الأسئلة كهذا لا يجيب عنها العلم الحديث.
نحن بحاجة لنظرية معلومات تفسر كل شيء!
أسئلة كثيرة يطرحها العلماء اليوم من دون إجابة.. فمنذ بداية خلق الكون كان لدينا توسع مفاجئ وثابت كوني.. من أين جاء هذا الثابت؟ لا إجابة.. من أين جاء التوسع (التضخم Inflation) المفاجئ؟ لا إجابة… من الذي وضع القوانين التي سيسير عليها الكون؟ من الذي اختار سرعة محددة للضوء؟ مالذي جعل الفوتون الضوئي يتشكل؟ مالذي جعل الإلكترون يتشكل؟ ومن الذي حدد كتلة الإلكترون وشكله وطريقه حركته؟؟؟
ثم لماذا تشكلت الذرة الأولى (ذرة الهيدروجين)؟ مالذي جعل الإلكترون ينجذب نحو البروتون لتشكيل ذرو هيدروجين؟ ولماذا تشكلت العناصر بعد ذلك (الهيلوم… الأكسجين… الكربون..)؟؟ من الذي حدد قيمة وشكل قانون التجاذب الكوني.. ومن الذي حدد قيمة شحنة الإلكترون ونوعها… ومن ومن ومن…… مليارات الأسئلة لا يجيب أحد من العلماء عليها اليوم بسبب إهمالهم للمعلومات المخزنة داخل هذه العناصر.
لذلك لابد أن يعترف العلماء اليوم بوجود عنصر آخر في الكون وهو عنصر “المعلومات” فالعلم الحديث قام اليوم على الاعتراف بوجود المادة والطاقة والزمان والمكان… وأنكروا المعلومات لأن اعترافهم بوجود معلومات مخزنة مسبقاً في عناصر الكون سيجبرهم على الاعتراف بوجود الخالق تبارك وتعالى.. ومصدر هذه المعلومات هو قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82].
مثلاً: هذه صورة للنسيج الكوني الذي يتشكل كوننا منه، فكل نقطة هنا هي مجرة تحوي مليارات النجوم التي تسبح بنظام محكم.. وكل خيط من خيوط هذا النسيج يمتد لملايين السنوات الضوئية.. ويتشابك مع خيوط أخرى حيث تتوضع المجرات على هذه الخيوط بصورة مذهلة.. والسؤال: من الذي نظم ورتب هذه الخيوط العملاقة عبر مليارات النسنين.. وأي عاقل يصدق أن كل ذلك تم بالمصادفة؟ إذاً لابد أن هذه المجرات تحوي في ذرات كل نجم من نجومها “المعلومات” اللازمة التي أودعها الله تعالى فيها لتقوم برسم هذا المشهد الرائع من الحبك الكونية الذي يشهد على صدق كلام الله تعالى: (وَ السَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) [الذاريات: 7]..
وبالتالي إذا أردنا أن نصل إلى العلم الحقيقي الذي يفسر لنا كل شيء، يجب أن ندرس الكون والمخلوقات بناء على العناصر التالي:
المكان – الزمان – المادة – الطاقة – “المعلومات” فإذا ما أضفنا عنصر المعلومات إلى حقائق الكائنات الحية فسوف نحصل على الحلقات المفقودة، ويصبح فهمنا للأشياء من حولنا أفضل.
وهذا ما نسعى إليه من خلال هذه السلسلة إن شاء الله، أن نضع الأساس العلمي الصحيح لنشوء الكون والمخلوقات بشكل يفسر لنا جميع الظواهر الكونية.. فالعلم الحديث وصل إلى الكثير من الحقائق اليقينية ولكنها ناقصة وتحتاج لإضافة عنصر المعلومات لجميع العلوم الحديثة، سواء في الفيزياء أو الطب أو الهندسة وحتى الجيولوجيا وعلوم الفلك والأرض وصولاً لعلم النفس.
وأخيراً
أوجه سؤالاً لكل من يعتقد بأن نظرية التطور صحيحة:
كيف حصل اليعسوب على هذه الآلية الهندسية المعقدة في عملية الرؤيا.. وكيف ظهرت هذه الآلية فجأة ثم اختفت.. وما هي الطفرات التي حدثت في خلايا حشرات أخرى وأحدثت هذه التقنية البصرية الفائقة لدى اليعسوب.. وما هي الطفرات التي حدثت بعد ذلك وأخفت هذه التقنية المذهلة؟؟؟
إن كل كائن حي على وجه الأرض له تقنية إبصار خاصة به وتختلف عن غيره من المخلوقات (7) ويقول علماء التطور إن اليعسوب تمكن من تطوير آلية إبصار خارقة لتساعده على الطيران والتقاط رزقه.. ولكن انتظر عزيزي القارئ لحظة، مَن الذي يطوّر؟ إنه اليعسوب!! هذه الحشرة قامت بتطوير تقنية الإبصار لديها.. متى وكيف وهل هذا معقول؟.. طبعاً هذا هو المنطق الذي يتعامل به التطوريون للأسف!
وبالتالي لن يكون هناك أي جواب عن أي سؤال إلا أن يعترفوا بأن الله تعالى خلق هذا اليعسوب خلقاً مباشراً.. ولكن الله لا يخلق شيئاً عبثاً أو عشوائياً.. بل هناك قواعد لعملية الخلق يمكن أن نسميها “هندسة الخلق” وهو ما سنكتشفه في المقالات القادمة إن شاء الله، على ضوء قوله تعالى: (وَ مَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [القمر: 50].. فأمر الله لا يحتاج لمليارات السنين.. وكذلك فإن قوله (كُنْ فَيَكُونُ) تحوي كل المعلومات التي يحتاجها أي مخلوق لينشأ ويتكاثر ويسبح بحمد خالقه عز وجل..
كما نرجو من أحبتنا القراء في حال وجود أي خطأ علمي في هذه السلسلة أن ينبهونا له من خلال الإيميل ( [email protected]) ونكون لهم من الشاكرين، لأن هدفنا الوصول إلى الحقيقة اليقينية… وسوف نقوم بتعديل أي معلومة يثبت خطأها… وهذا منهج نبوي: فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذ بها.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
المراجع
1- Dragonfly eyes see the world in ultra-multicolour, 23 – 2- 2015 https://www.newscientist.com/article/dn27015-dragonfly-eyes-see-the-world-in-ultra-multicolour/#.VPOfzkIU1mD
2- https://en.wikipedia.org/wiki/Dragonfly
3- https://en.wikipedia.org/wiki/File:Big_Eyes_%288753086631%29.jpg
4- http://the-earth-story.com/post/110531028636/solnhofen-plattenkalk-rare-and-beautiful-for
5- http://www.britannica.com/science/Solnhofen-Limestone
6- Extraordinary diversity of visual opsin genes in dragonflies, http://www.pnas.org/content/112/11/E1247
7- Animals With Unique Eyes, http://discoveryeye.org/animals-with-unique-eyes/