لنتأمل هذه الدراسات العلمية التي تشهد بصدق القرآن الكريم والسنة المطهرة..
ظل الملحدون يستهزئون بتعاليم الإسلام مثل تحريم زواج الإخوة من الرضاعة. وقد تحداني أحدهم أن نأتي بحقيقة علمية تثبت صدق القرآن الكريم… ولكن العلم ظل لسنوات يجهل السرّ حتى جاء عام 2007 عندما اكتشف أن حليب الأم يحوي خلايا من المرضع تدعى الخلايا الجذعية (أو الجنينية Stem cells) .. ولكن ماذا يعني ذلك؟
التفسير جاء على لسان الدكتورة Foteini Kakulas من جامعة غرب أستراليا والتي قامت ببحث غريب عام 2015 اكتشفت أن حليب الأم ليس مجرد غذاء، بل يحمل الشيفرة الوراثية للأم والتي تنتقل إلى الطفل وتبقى معه طيلة عمره!!
عندما يرضع الطفل من امرأة غير أمه مثلاً فإن ملايين الخلايا الجذعية الخاصة بهذه المرأة تدخل مع الحليب إلى جوف الطفل، وتذهب عبر الدورة الدموية إلى الجملة العصبية والكبد والبنكرياس والعظام … لتصبح خلايا فعالة في تكوين شخصية الطفل ونظام مناعته وطريقة تفكيره…
ولكن ما هو مصير هذه الخلايا الجنينية؟ الغريب أن هذه الخلايا لا تذهب، بل تبقى مع الطفل مدى الحياة!! ليصبح نظام المناعة للطفل شبيهاً بنظام المناعة لدى المرأة التي أرضعته… تماماً كما يحدث بين الأم وطفلها.. لأن كل امرأة لها حليب فريد يختلف عن المرأة الأخرى..
إن الأطفال الذين رضعوا من امرأة واحدة يكتسبون الخصائص المناعية ذاتها والتي لها أثر كبير في تطور هؤلاء الأطفال ونوعية الأمراض التي يصابون بها.. … لأن هذه الخلايا الجنينية تتحول بسهولة في داخل الرضيع إلى خلايا تساهم في تطور الطفل وتبقى معه وتؤثر على سلوكه وشخصيته.. بل تؤثر على نوعية الأمراض التي ستصيبه!!
الاكتشاف الجديد أن حليب الأم يحتوي على Micro RNAs وهي صغيرة جداً ولكنها موجودة بكميات كبيرة جداً في حليب الأم.. وهذه المواد لها خصائص فريدة تختلف من امرأة لأخرى ويمكن أن تتحكم في الآلاف من جينات الطفل وتغير خصائص الشيفرة الوراثية لدى الطفل ويستمر هذا التغيير حتى بعدما يكبر.. ولكن هناك مواد أخرى لم تكتشف بعد ربما يكون لها خصائص تنتقل من المرأة المرضع للطفل …
ويقول العلماء في هذا البحث الذي نشر على مجلة الطبيعة Nature إن الطفل الذي يرضع من امرأة لا يتغذى فقط، بل إنه يكتسب كل الصفات الوراثية للمرأة التي أرضعته!! فالرجل الذي رضع من امرأة غير أمه عندما كان طفلاً (دون سنتين من العمر) فإنه يحمل في جسده خلايا هذه المرأة وكأنها أمه… هذه الخلايا انتقلت مع الحليب الذي رضعه وعاشت معه.. وتقول مجلة الطبيعة: يبدو أن خلايا الأم تنتقل إلى الطفل الرضيع بطريقة شديدة التنظيم فيصبح هذا الطفل جزءاً من هذه الأم… ويتساءل بعض الباحثين حول النتائج الأخلاقية لإرضاع الأطفال من أمهات غير أمهاتهم.. وما هي النتائج الوراثية التي تترتب على ذلك لاسيما أن الخصائص الوراثية للمرأة المرضع تنتقل بشكل كامل للطفل الرضيع، وبالتالي يأخذ الخصائص الوراثية لهذه المرأة وتصبح هذه الخصائص شبيهة بالخصائص الوراثية لأبنائها الذين أرضعتهم أيضاً… والسؤال: هل هناك نتائج سلبية لزواج الرجل بالمرأة التي أرضعته أو زواجه من إحدى بناتها؟ وبخاصة أن زواج المحارم يمكن أن يسبب أمراضاً وراثية للأطفال.. فما هو حل هذه المشكلة؟؟
الحل قرره لنا القرآن الكريم قبل 1400 سنة، عندما حرّم زواج الأخوة من الرضاعة.. قال تعالى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء: 23]. وقد بيّن النبي الكريم هذه الآية بقوله: (إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسَب) [رواه الترمذي]. لقد أشار القرآن والسنة إلى أهمية الرضاعة بل واتخذ إجراءً عملياً وهو تحريم زواج الإخوة من الرضاعة.. واليوم تأتي هذه الإثباتات من الغرب غير المسلم لتردّ على الملحدين وتشهد على صدق هذا الكتاب العظيم، وصدق هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم.
بقلم عبد الدائم الكحيل
المراجع