(لا تقوم الساعةُ حتى يحسِرَ الفُراتُ عن جبلٍ مِن ذهبٍ…) “البخاري ومسلم” هل يُخفي وراءه أو تحته جبلاً من ذهب كما أنبأ النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم؟……
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا أن نهتديَّ لولا أن هدانا الله.. وصلى الله على حبيبنا محمد النبي الأميّ وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً.
علامة من علامات الساعة الصُغرى.. هل بدأت بالظهور حديثاً عام 2022؟ ماذا عن انحسار نهر الفرات؟ هل يُخفي وراءه أو تحته جبلاً من ذهب كما أنبأ النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم؟
الحقيقة دعوني أتأمَّل معكم الاكتشاف الذي قام به علماء من العراق ومن ألمانيا حول المدينة الأثرية التي يعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف وأربعمئة سنة حيث اُكتشفت تحت منطقة دجلة.. هذا النهر بدأ ينحسر خلال السنوات الماضية حتى أصبح هناك “في حوض دجلة” مناطق شبه جافة (ظهر قاعُ النهر).
بالنسبة لنهر الفرات أيضاً هناك جفاف شديد يضرب منطقة نهر الفرات وهناك مناطق بالفعل بدأت تنحسر حديثاً في السنوات الماضية ولكن موضوعنا اليوم هذه المدينة الأثرية بما تحويه من كنوز.. من حضارة قديمة جداً.. بما تحويه ربما من ذهب.. ربما يعني هذه الآثار لها قيمة عالية جداً مادية.. نحن نعلم أن الآثار اليوم أغلى من الذهب حقيقةً يعني.. لذلك أنا سأتأمَّل هذا الاكتشاف ثمَّ نتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعةُ حتى يحسِرَ الفُراتُ عن جبلٍ مِن ذهبٍ، فيَقتَتِلُ عليه الناسُ، فيُقتَلُ مِن كلِّ مِئةٍ تسعةٌ وتِسعونَ، يا بُنيَّ، فإنْ أَدْرَكتَه فلا تَكوننَّ ممَّن يُقاتِلُ عليه...) “البخاري ومسلم” سبحان الله.. العلماء اكتشفوا خلال الشهر السادس عام 2022 مدينة تعود إلى حقبة إمبراطورية ميتاني (الحضارة الميتانية) المعروفة تاريخيَّاً.. فعندما ضرب الجفاف الشديد منطقة نهر دجلة في الموصل تبيَّن أنَّه يُخفي تحته مدينة أثرية يُعتقد أنها كانت مركزاً مهماً في امبراطورية ميتاني تعود لحدود ألف وخمسمئة سنة تقريباً قبل الميلاد.
يقول العلماء: لقد تمَّ الكشف عن العديد من المباني.. مباني كبيرة جداً وتحصينات ضخمة.. جدران.. أبراج.. هناك مبنى ضخم جداً متعدد الطوابق للتخزين وهناك مُجمَّع صناعي أيضاً سبحان الله يعني كانت حضارة متطورة جداً.. هذه الحضارة حقيقةً كما يقول الباحثون التاريخيون: كانت تُسيطر على المنطقة الواقعة بين نهر دجلة وتمتد إلى نهر الفرات.. حضارة واسعة جداً وعظيمة في ذلك الوقت.. لقد ذُهل فريق البحث العلمي الذي عرض هذا الاكتشاف من حالة الجدران المحفوظة جيداً.. هذه الجدران يصل ارتفاعها أحياناً إلى عدة أمتار وعلى الرغم من حقيقة أن الجدران مصنوعة من الطوب الطيني المُجفف بالشمس يعود هذا الحفظ الجيد إلى حقيقة أن المدينة دُمرت في زلزال قُرابة عام 1350 قبل الميلاد حيث دُفنت الأجزاء العلوية المنهارة من الجدران والمباني.
إذاً يعتقد الباحثون أن هذه الحضارة العظيمة دُفنت وجُعل عاليها سافلها.. ونحن نعلم من خلال القرآن هناك بعض الحضارات مثل قوم سيدنا لوط الذين قَلَبَ الله فيهم الأرض {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود:82] هنا يتبيَّن لنا بوضوح أنَّ هذه المنطقة بدأت تجف الآن.. هذا الأمر أنا أود أن أتوقف معكم قبل أكثر من 1400 سنة عندما بُعث النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام كان نهر الفرات من أغزر الأنهار وأكثرها نشاطاً ومنطقة الفرات ودجلة هذه ما بين النهرين كانت ذات خُضرة وكثافة عالية بالنباتات والأشجار سبحان الله.. لا يستطيع أحد أن يتوقع أن هذه الأنهار سيأتي يوم وتُعاني من جفافٍ شديد وأن بعض أجزاء من هذه الأنهار يُمكن أن تكشف لنا آثاراً أو مثلاً كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (جبلٍ مِن ذهب) النبي أكد لنا أن الفرات سينحسر عن جبلٍ من ذهب وأن الناس سيقتتلون في موقعة مروعة يذهب ضحيتها من كل مئة تسعة وتسعون.. كل واحد منهم يقول: لعلي أن أكون أنا الفائز بهذا الكنز.
طبعاً من فضل الله سبحانه وتعالى أننا نرى ملامح هذا الحديث تتحقق اليوم.. صحيح أن الاكتشاف في نهر دجلة ولكن هذه الحضارة كما قُلت لكم وكما يُؤكد العلماء من جامعة توبنغ Tubingen الألمانية أنها تمتد إلى نهر الفرات وما بعد نهر الفرات.. إذاً الأرض من تحت تُخفي كنوز.. تُخفي أشياء نحن لا نعلمها حقيقةً.. ولم يكتشف العلماء حقيقةً إلا جزء ضئيل جداً جداً من هذه الحضارة الأثرية التي قد تتضمن أو قد تحتوي على العديد من المُدن.
يقول الباحثون أيضاً في هذه الجامعة الألمانية: إن هذه المدينة كانت ذات يوم مركزاً عالمياً للشحن والبضائع بسبب وجود أماكن ضخمة جداً لتخزين المواد (الطعام والبضائع والمواد وغير ذلك).. وهناك أيضاً أواني فخارية وأشياء لم يكشفوا عنها بعد لأن الدراسة لازالت قيد البحث وهذا الموقع يحتاج إلى يعني سنوات ليكشفوا ماذا يوجد بالضبط على عمق مثلاً عشرات الأمتار؟
أنا أوَّد أن أتأمل معكم هذه اللمحة العلمية في كلام النبي عليه الصلاة والسلام عندما أكد لنا انحسار نهر الفرات.. هذه هي المُعجزة الأولى.. مَن كان يتوقع في ذلك الزمن أن نهر الفرات يُمكن في بعض أجزاء منه أن يُعاني من جفاف شديد؟ ونحن نرى الصور اليوم للأسف يعني.. هذه معجزة أولى.
معجزة ثانية تؤكد أن هذا النهر يُخفي تحته آثار.. ذهب.. كنوز.. يعني الذهب هنا قد يكون دليلاً على وجود أشياء ذات قيمة عالية.. يعني الله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:34] طب الذي يكنز دولارات هل هو مستثنى من هذه الآية؟ لا.. الذي يكنز شركات والعقارات والمباني؟ أيضاً هو داخل.. الذي يكنز بعض القطع الثرية أو المخطوطات هناك مخطوطات لها قيمة عالية ملايين الدولارات أغلى من الذهب.. بعض الرُقم التاريخية وهنا بالفعل اكتُشف العديد من الرُقم التاريخية بكتابة مسمارية ولغات قديمة جداً.. فهذا الأمر يدل على أن هذه المنطقة بشكل عام “منطقة حوض الفرات ودجلة ما بين النهرين” تُخفي كنوزاً ذات قيمة عالية مثل جبل من ذهب.. وبالتالي هذه الكنوز ربما تُكشف في السنوات القادمة.. ربما بعد ذلك لا نعلم.. أنا الذي يُهمني صِدق كلام النبي عليه الصلاة والسلام.. الذي يُهمني أن هذا النبي الأعظم لا ينطق عن الهوى.. تنبأ بانحسار الفرات وتنبأ بوجود كنوز وأشياء ذات قيمة عالية عبَّر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بجبلٍ من ذهب.. وقد يكون بالفعل هناك جبل من ذهب يعني نحن نحاول أن نفهم معنى أو المعاني الكامنة في كلام النبي عليه الصلاة والسلام.
المعجزة الثالثة أن هذا إنذار لنا اليوم.. هذا إنذار يقول لنا: انتبهوا الساعة أصبحت على الأبواب.. القيامة أصبحت قريبة لذلك توبوا إلى الله.. لماذا حدثنا النبي عن علامات الساعة؟ ما هو الهدف؟ الهدف بلا شك أنَّك أيها الإنسان ينبغي أن تنتبه أن الساعة أصبحت قريبة وهذه العلامات تتجلى وتظهر أمامك.. فعليك أن تعود إلى الله.. عليك أن ترجع لأنه في أي لحظة يأتيك الموت.. والموت يأتي بغتة.
لذلك هذا النبي الكريم يُريد لنا الخير.. حدَّثنا عن هذا الإعجاز ثم نبهنا إلى اقتراب يوم القيامة لنعود إلى الله سبحانه وتعالى ونرجو لقاء الله كما قال سبحانه وتعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت:5-6].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بقلم عبدالدائم الكحيل
يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو :