نحن اليوم بتاريخ 7 شهر 11 عام 2019 … الآن فقط بدأ العلماء يدركون شيئاً من أسرار الطيران لدى البعوضة..
فالبحث الجديد لجامعة Johns Hopkins والتي نشرت في مجلة Bioinspiration and Biomimetics وجدت أن البعوض أثناء ممارسة طقوس التزاوج يطير بطريقة مختلفة بحيث لا يُصدر صوتاً مزعجاً للأنثى والتي تهرب من الأصوات المزعجة.. ولكن كيف يتمكن البعوض من الطيران من دون صوت؟
البروفسور Rajat Mittal أستاذ الهندسة الميكانيكية قام بدراسة ديناميكا الطيران أثناء طقوس التزاوج لدى البعوض باستخدام المحاكاة عبر الكمبيوتر.. فالأجنحة التي صممت للطيران أيضاً مصصمة لإنتاج الصوت… والبعوضة يقوم بكلتا المهمتين بكل سهولة.
طقوس التزاوج لدى البعوض تكون هادئة وصوت الذبذبة يمكن أن يعطل عملية التزاوج.. وهذا ما يدعو العلماء للبحث عن طريقة فعالة ومن دون استخدام المبيدات للقضاء على البعوض.. وذلك من خلال إطلاق ذبذبات صوتية تعطل عملية التزاوج لدى البعوض وبالتالي القضاء على نسله وتقليل أعداده.. لاسيما أن البعوض يعتبر القاتل الأول حيث يقضي على مئات الآلاف سنوياً بسبب نقله لمرض الملاريا وأمراض أخرى.
صورة بالكمبيوتر للأمواج الهوائية التي تطلقها البعوضة أثناء طيرانها.. هذه الدوامات الهوائية مناسبة لإنتاج الصوت وتوجيهه باتجاه محدد وفق عملية شديدة التعقيد تم الكشف عنها لأول مرة عام 2019
عند إطلاق ذبذبة بتردد محدد فإن ذكر البعوض ينزعج كثيراً ولا يستطيع إتمام عملية التزاوج.. إذاً البعوض يحب الهدوء ويحب أن يتحكم بإصدار الذبذبات المناسبة..
صورة بالكمبيوتر للموجات الصوتية بالألوان.. المناطق الحمراء هي المناطق ذات الذبذبة الأقوى. هذه الموجات مناسبة للتزواج .. وعند إطلاق ذبذبات أخرى من مصدر خارجي بتردد محدد فإنها تعمل على تشويه هذا الشكل وتعطيل عملية التزاوج.
سر التحكم بالطيران والصوت لدى البعوض يشرحه البروفسور Mittal : البعوض يحرك جناحيه حركة دورانية بالإضافة للرفرقة العادية وهذا يزيد من قوة الرفع، ولذلك البعوضة تستطيع الطيران وهي محملة بكمية كبيرة من الدم.. ولولا الحركة الدورانية للأجنحة لما استطاعت البعوضة الطيران بحمولة ثقيلة (تمص البعوضة كمية من الدم أكبر من وزنها).
ولكن هذه الحركة الدائرية للجناحين تساعد أيضاً على توجيه نغمة الصوت باتجاه الأنثى.. وهذا التوجه ضروري لإتمام عملية التزاوج.. فالبعوضة مجهزة بتقنيات عالية لإنتاج الصوت وتوجيهه دائماً باتجاه محدد على الرغم من أنها تتحرك باتجاهات مختلفة.. وذلك بسبب التصميم المذهل للجناحين وقدرة البعوضة على التحكم الفائق بحركة جناحيها.
البعوضة تستطيع رفرفة جناحيها بسرعة هائلة ضمن مجال قطع ناقص وخلال زمن أقصر من بقية الحشرات ذات الأجنحة بنفس طول جناح البعوضة… فالبعوضة تتفوق على الذبابة في سرعة الإقلاع والحمولة… وهذا ما يجعل البعوضة مزعجة للبشر بسبب الطنين الخاص الذي تصدره.
يقول العلماء: إن التصميم المميز للبعوضة من حيث الطول والنحافة (الجناح طويل ونحيف) هو تصميم مثالي لإنجاز عمليات الطيران المعقدة التي تقوم بها البعوضة وفي نفس الوقت مثالي لإصدار الذبذبات الصوتية المناسبة للتكاثر.. وإلا لهلك البعوضة ولم يستطع الاستمرار…
ذبابة الفاكهة التي تملك جناحين قصيرين وثخينين لا تملك هذه التقنيات التي تملكها البعوضة لذلك البعوضة تصدر ترددات صوتية أعلى وهي ضرورية لاستمرار حياتها وتكاثرها..
والآن أيها الأحبة…
هل علمتم سر ذكر البعوضة في القرآن؟ هل أدركتم معي أننا أمام مخلوق ذي تصميم عالي ومعقد.. لدرجة أن كبار العلماء لم يفهموا حتى الآن أسرار وتقنيات الطيران لدى هذه الحشرة الضعيفة! بل إن جامعات عالمية تقوم بدراسات وأبحاث حول البعوضة فقط لفهم طريقة عملها.. فكيف لو أراد البشر أن يخترعوا آلة ليقلدوا هذه البعوضة في عملها؟ هل هذا في مقدور البشر؟
لذلك فإن القرآن ذكر هذا المخلوق لما له من تصميم مذهل وإمكانيات خارقة.. فالله تعالى الذي أنزل القرآن هو الذي خلق البعوضة وهو أعلم بها ولذلك ضربها كمثال في كتابه الكريم… اليوم فقط تتضح أسرار هذا المثال الذي ضربه القرآن.. قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَ مَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦ } [البقرة: 26].
فهل أدركتم معي أن كل كلمة في كتاب الله تعالى لها دلالات وأبعاد تفوق التصور؟ وأن القرآن لا يذكر شيئاً عبثاً.. وأخيراً: هل تعتقدون أن هذه البعوضة من تصميم الطبيعة أم من صنع الخالق الذي أتقن كل شيء… سبحانه وتعالى عما يشركون..
بقلم عبد الدائم الكحيل
المراجع
Mosquitoes use specialized wing tones to buzz potential mates, https://hub.jhu.edu