» أسرار إعجازية

حوت يبتلع امرأتين

كثير من المشككين شكك بهذه القصة وقال: كيف يمكن لشخص أن يدخل في داخل فم حوت ثم يلفظه بكل بساطة بمجرد أنه كان من المسبحين؟

هذا المشهد أحببت أن أعلق حوله وأستذكر قصة سيدنا يونس عليه السلام {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ} [الصافات:142].

كثير من المشككين شكك بهذه القصة وقال: كيف يمكن لشخص أن يدخل في داخل فم حوت ثم يلفظه بكل بساطة بمجرد أنه كان من المسبحين؟ وسبحان الله عندما رأينا هذا المشهد.. هذا يدل على إمكانية إبتلاع حوت لشخص ثم إخراج هذا الشخص خارج فم الحوت.. يعني هذا الأمر نحن اليوم نستطيع مشاهدته بمقطع فيديو حقيقي.

فإذاً في زمن سيدنا يونس عليه السلام عندما قُذَف به في البحر.. ما هي قصة سيدنا يونس؟

الحقيقة سيدنا يونس من الأنبياء المرسلين الصالحين.. أرسله الله إلى مدينة نينوى.. فدعى قومه والرسول لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا بأمر الله.. ليس كما نجد في بعض الكتب المحرفة التي تدَّعي أن الأنبياء يكذبون ويزنون ويسرقون ويخدعون ويقتلون… لا انظر معي إلى الذنب الذي ارتكبه هذا النبي وهو ليس بذنب حقيقةً هو دعا قومه وسنوات طويلة وهو يدعوهم ويقنعهم ولكن للأسف لا أحد يقتنع ولا أحد يستجيب.. كل ما فعله أنه ركب بالسفينة وذهب عبر البحر.. فهذه ليست جريمة بمقاييسنا اليوم ولكنها مخالفة لأمر الله يعني النبي لا يجوز أن يفعل أي شيء إلا بأمر الله.. كل كلمة ينطق بها بأمر الله لأنه نبي يعني أخذ رتبة نبي كريم.. فعندما خرج سيدنا يونس وركب في سفينة فهاج بهم البحر وكان من عادة الناس في ذلك الوقت أن يعتقدوا أن هناك رجلاً سيئاً بينهم يجب أن يُقذف به في البحر لتهدأ العاصفة.. سبحان الله.. فكل الذنب الذي ارتكبه أنه دعاهم لسنوات طويلة ولم يستجيبوا فخطر بباله أن يخرج خارج هؤلاء الناس الذين هم لم يلمس لديهم أي استجابة أو أي إيمان.. فعندما هاج البحر وهو في السفينة.. الاعتقاد السائد في ذلك الوقت كما في التفاسير أنهم يعتقدون أن هناك شخص عليه نحس أو شخص سيء أو شخص يجب أن يُقذب به في البحر ويمكن أيضاً لأنها كلها تفاسير ليس لدينا شيء ثابت ومن الممكن أيضاً بعض الحضارات كانت تعتقد أنهم ينبغي أن يقدوا شخص صالح قرباناً لإله البحر ليهدأ كما في الكثير من الحضارات يأتون بشخص بريء أو بطفل ويقدمونه قرباناً..

على كل حال مهما كان السبب الذي يهمنا هو ما ذكره القرآن.. أنهم عندما عملوا مثل قرعة يعني كان يوجهون سهامهم فهذا السهم عندما تأخذه الريح باتجاه شخص معين يكون هذا الشخص المطلوب إلقاؤه في الماء.. فكان السهم دائماً يتجه باتجاه سيدنا يونس عليه السلام.. فكان قدره أن يُلقى في البحر ولكن هل تركه الله عز وجل؟ هل تركه لهؤلاء؟ لا هو أُلقي في البحر ظُلماً لذلك قال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء:87] غضب من قومه وترك الدعوة وذهب {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء:87] ما معنى {أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء:87]؟ أي لن نبتليه ونختبره لأن قَدَّر الله على فلان أي ضيق عليه واختبره هذا في اللغة العربية.. {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء:87] أي لن نختبره.. ذهب مُغاضباً وظنَّ سيدنا يونس أن القضية انتهت ولكن الله عرضه لإختبار ليختبر قوة إيمانه.. عندما قُذِف في البحر كان الحوت بانتظاره ويفتح فمه والتقطته هذا الحوت وبلمح البصر سيدنا يونس ماذا فعل في هذه اللحظة؟ هل طلب النجدة من أحد؟ هل قال: أغيثوني أو أنقذوني؟ لا مباشرةً توجَّه إلى الملك سبحانه وتعالى وقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ} [الأنبياء:87] يعني يا رب في هذا الموقف ليس هناك إلهٌ قادرٌ أن يُنقذني إلا أنت.

وهنا أرجو أن تستحضر قصة سيدنا يونس في كل الظروف الصعبة التي تمر بها.. عندما تضيق بك الأمور.. عندما تعصف بك أمواج الهموم والنقص والحاجة والمشاكل من حولك.. مباشرةً اعلم أن هناك إله.. قُل: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ} [الأنبياء:87] يعني يا رب لا إله غيرك قادر أن يُخلصني من هذا الهم.. لا إله غيرك قادر أن يُخلصني منها الشر.. {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] فيا رب أنا أُنزهك {سُبْحَانَكَ} [الأنبياء:87] يعني يا رب أنت تعاليت وتنزَّهت عن النقص.. حاشاك ألا تُجيب إنسان يقول: يا رب.. {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] اعترف بخطأه مع العلم في مقاييسنا اليوم سيدنا يونس لم يرتكب فاحشة ولم يقتل ولم يؤذي أحداً.. لم يفعل شيء يعني هو سلوك طبيعي نعتبره اليوم ولكن في حق الأنبياء اعتبره سيدنا يونس ظُلماً لنفسه.. فيا رب أنا عندما تركت الدعوة من غير أن تأذن لي فأنا ظلمت نفسي {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] يعني انظر إلى هذا الدعاء الرائع.

ما هي النتيجة كانت؟ {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} [الأنبياء:88].. {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء:88] بداية الاستجابة لأن هناك قرار إلهي يجب أن يُوقع.. يجب أن يُتخذ واستخدم القرآن حرف الفاء ليدلك على سرعة الاستجابة لأن الفاء تُستخدم للأفعال الخاطفة (السريعة).. {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء:88] بسرعو ثم قال: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} [الأنبياء:88] استخدم حرف الواو لأن نجاة سيدنا يونس كانت وفق مراحل خرج وأنبت الله عليه شجرة من يقطين لأن جسده كان مهترئً.. الجسد اهترأ بسبب أنه مكث لفترة في بطن الحوت.. الله أعلم كم الفترة ولكن أنا الذي يُهمني أن الله أنقذه في النتيجة.

لذلك هذا الإله قادر أن يُنقذني وقادر أن يُنقذك من أي مشكلة أو أي هَم يحيط بك.. لذلك هنا هذا الدعاء يجب أن نتعلمه ويجب أن ننجاي به الله تعالى كل يوم.. لا تنتظر حتى تغلق في بحر الهموم أو بحر الوساوس.. لا تنتظر حتى تحيط بك أمواج من المشاكل وأمواج من القلة والنقص.. لا سارع الآن وقُل: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87].

يعني دعوني أنا أو أنت نقيس أخطائنا بالنسبة لسيدنا يونس.. نحن منشغلون عن الدعوة.. منشغلون عن الله.. غرَّتنا الحياة الدنيا.. همومنا كلها تتعلق بالدنيا.. مَن منا يحمل الدعوة إلى الله؟ مَن منا يحمل هم هداية الناس؟ كل واحد يهتم بنفسه فقط.. فإذا كان سيدنا يونس اعتبر نفسه من الظالمين لأنه فقط خالف أمر الله بالدعوة.. طيب بالله عليك أنت كم حجم الظلم الذي يجب أن تعترف به أمام الله؟ كم حجم التقصير؟ يعني النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه).. أنت إذا لم تُحب لأخيك ما تُحب لنفسك والأخ هنا: (كلكم لآدم وآدم من تراب).. أخ في الإيمان وأخ في الأبوة وأخ في الإنسانية.. يجب أن تُحب الخير لكل الناس كما تُحبه لنفسك.

طيب مِن منا يطبق هذا الحديث اليوم؟ مَن منا لا يسارع ويلهث ليغتنم الخير على حساب الآخرين؟ كم إنسان جائع من حولك وأنت لا تكترث به؟ إذاً نحن يجب أن نعترف بظلمنا وكل يوم وفي كل لحظة ونقول: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87].

يعني خلاصة هذا اللقاء: أن الله قادر على كل شيء.. أن القرآن كتاب منطقي ليس فيه خرافات وأساطير كما يدعي الملحدون والمشهد الذي شاهده العالم دليل على أن الحوت قادر أو من الممكن أن يبتلع إنسان ثم يُخرجه وهذا الأمر يدل على أن القرآن كتاب منطقي ليس فيه أساطير أو خرافات أو قصص خرافية أو غير ذلك.

نسأل الله عز وجل أن ينفعنا وإياكم بهذا العلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


بقلم عبدالدائم الكحيل

يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو :

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك