» أسرار إعجازية

احذر هذا ما ستراه وتسمعه لحظة الموت

 هل عملية الموت مؤلمة أم هي حدث طبيعي جداً؟ وهل الميت بالفعل يسمع يرى كل شيءٍ من حوله؟ هل صحيح أن الملائكة تظهر كمخلوقات جميلة جداً لحظة الموت؟ وهل هناك فرق بين موت المؤمن وموت الكافر؟…

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا أن نهتديَّ لولا أن هدانا الله.. وصلى الله على نبينا محمد النبي الأمي وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرة.

النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام أمرنا بالإكثار من ذكر الموت “أكثروا من ذِكر هادم لِلَذَّات” الموت يهدم كل اللذَّات التي تعيشها في الدنيا ويهدم المآسي أيضاً ويهدم الهموم ويهدم الأفراح ويهدم كل شيء له علاقة بالدنيا وتبدأ حياة جديدة بعد الموت.. ولكن ما الذي سأراه وأسمعه لحظة الموت؟ الحقيقة قبل أن نتحدث عن هذا الموضوع أنا لديَّ حديث مهم أحببت أن أتذكَّره معكم وأرجو أن تحفظوا هذا الحديث لأنه مهم جداً.

النبي عليه الصلاة والسلام سُئل ذات مرة: مَن أكيَّس الناس وأكرم الناس يا رسول الله؟ كيف رد عليه النبي عليه الصلاة والسلام؟ هل قال له أكيَّس الناس وأفضل الناس وأخير الناس وأكرم الناس مَن لديه السُلطة والمال والشهرة؟ ماذا قال له؟ دققوا كيف كانت نظرة هذا النبي لهذه الدنيا؟ قال عليه الصلاة والسلام: (أكثرهم ذِكراً للموت وأشدُّهم استعداداً له أولئك هم الأكياس.. ذهبوا بشرف الدُّنيا وكرامة الآخرة). [أخرجه ابن ماجه] سبحان الله يعني نبينا عليه الصلاة والسلام يعتبر أن الذي يُكثر من ذِكر الموت هذا إنسان رائع.. هذا إنسان جيد.. إنسان من أكرم الناس وأكيس الناس.. طيب لماذا النبي عليه الصلاة والسلام يُركِّز على هذا الموضوع؟ إن كل عمرك الذي تعيشه الآن هو ساعة من عمرك الحقيقي لأن هذه الحياة الدُّنيا هي ساعة ثم تبدأ حياة البرزخ أو ما وراء البرزخ.. حياة ممتدة ربما لملايين السنين.. مليارات السنين… نحن لا نعلم يعني هذا في علم الله.. ثم بعد ذلك البعث والنشور والمرور على الصراط فإما جنة خالدين فيها أبداً أو نار خالدين فيها أبداً.. لا موت ولا حياة.. لا يموت فيها ولا يحيى.

طيب بالله عليكم أنا كيف أنظر لساعة فقط من ساعات حياتي الحقيقية وأضع كل جهدي واهتمامي ومشاكلي وتفكيري وطموحاتي في هذه الساعة وأترك الحياة الحقيقية التي أنا سأعيشها بالفعل؟ الحقيقة من هنا ندرك لماذا النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بالإكثار من الموت.. القرآن العظيم جاء ليعرفك ماذا يوجد بعد الموت؟ ولكن للأسف اليوم الإعلام العالمي ومجموعة من الملحدين للأسف يتحكمون بهذا الإعلام.. يضخون الكثير من المعلومات التي تُلهيك عن الآخرة {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان:33] فإذاً أنت في هذه الدُّنيا كلما أكثرت من ذِكر الموت كلما كنت أفضل ودرجتك أعلى عند الله.

 

 

طيب أول مراحل الموت: تبدأ برؤية الملائكة.. إذاً أول شيء ستراه هُم الملائكة الكرام.. ولكن هنا هناك فرق كبير بين أن ترى الملائكة بأبهى صورة وأجمل صورة ومخلوقات لم ترى مثلها في حياتك ستكون في قمة السرور من هذا المشهد الرائع.. ترى ملائكة الرحمة تأتي بأبهى صورة هذا إذا كنت مؤمناً.. إذا كنت تذكُر الموت وتنتظر الموت وتستعد للقاء الملائكة.. هؤلاء ضيوف “رُسل الله”.. إذا كنت يعني غافل ومنغمس في الدُّنيا فلا تلومَّن إلا نفسك.. سوف يأتيك هؤلاء الملائكة بأبشع صورة وسوف تكون لحظات من العذاب والألم والحزن والأسى والحسرة.. إذاً يعني أنا الذي أُريد أن أُنبهك له أنت انظر أين تضع نفسك؟.

{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النحل:28] هذه هي السورة الأولى.. {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} [النحل:28] استسلموا.. طبعاً قبل دقائق كان في قمة قوته وسُلطانه ونفوذه وماله وبطشه وجبروته ولكن عندما رأى ملائكة العذاب استسلم.. لماذا يستسلم؟ لأن الحياة انتهت.. كل الناس تخلوا عنه.. لا أحد مُستعد أن يموت بدلاً منه.. يعني لاحظ أنت تستطيع أن تستأجر إنسان بمالك ليقوم بأي عمل إلا الموت هل هناك مَن يموت عنك؟ لا حتى ولو أعطيته المليارات.. لا أحد يموت عن أحد.. لذلك هنا يستسلم هذا الإنسان الكافر.. {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل:28] يكذب على نفسه يعني أنت على مَن تكذب؟ أنت أعمالك كلها سيئة.. {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل:28] يأتيه الجواب {بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [النحل:28ـ29] طب لماذا؟ لماذا تضع نفسك في هذه الصورة المرعبة التي لا عودة منها؟

إذاً الإنسان الغافل.. الظالم الذي ظلم زوجته.. ظلم أولاده.. ظلم الآخرين.. أكل أموال الناس.. أساء للناس ولم يطلب منهم أن يسامحوه.. يظن أنَّه قوي.. يظن أنَّه مُقتدر.. في هذه اللحظة للأسف هذا هو المصير {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} [النحل:28] إذاً هذا الظالم سوف يرى مقعده من النار لحظة الموت.. يعني أول شيء يراه هو الملائكة وهُم يوبخونه ويضربونه {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:50] أنا لماذا أضع نفسي في هذا الموضع الذي لا أُحسد عليه؟ {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعام:93] يعني يا محمد عليه الصلاة والسلام.. هنا الخطاب للحبيب عليه الصلاة والسلام ولكل مؤمنٍ من بعده يقول له: لو قُدِّر لك أن ترى يعني لو قُدِّر لنا أن نرى ما الذي يحدث مع الميت الظالم؟ {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} [الأنعام:93] ماذا تقول هذه الملائكة لهذا الظالم؟ تَبسط أيديها له وهي بأبشع صورة يراها.. منظر مرعب.. استسلم.. يقولون له: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام:93] يقولون لهؤلاء الظالمين {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام:93] يعني خلِّص نفسك.. أنقذ نفسك {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ} [الأنعام:93] وهذه الآية دليل صارخ وواضح ويقيني ومادي ملموس على عذاب القبر.. الآيات تتحدث عن لحظة الموت.. هذه الآية تتحدث عن لحظة الموت {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعام:93] آية واضحة جداً {الْيَوْمَ} [الأنعام:93] يعني يوم الموت {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام:93] الهون من الهوان والذُّل.. عذاب الذُّل يعني {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام:93] إذا قيل له: اتقِّ الله يستكبر.. إذا قيل له: لا تؤذي الناس يستكبر ويطغى أكثر.. هؤلاء مصيرهم أنَّه يرى الملائكة بأبشع صورة وهذه الملائكة تضربه {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفال:50] تخيل يعني إنسان لديه المال ولديه كل شيء وهو على فراش الموت وهو ظالم.. يعني هو يرى الملائكة بأبشع صورة ولكنه سيتلقى العذاب تضربه هذه الملائكة على وجهه وعلى أدباره (على قفاه يعني).

يعني ثم يأتي شخص يقول لك: الموت هو ظاهرة طبيعية تَمُرُّ بسلام مثله مثل أي باكتيريا أو فيروس يموت يعني.. إذاً كل واحد منا سوف يرى الملائكة ويرى إما العذاب وإما النعيم وإما أن يرى هذه الملائكة بأحلى صورة وأجمل صورة أو يراها بأبشع صورة.. صورة مرعبة.. صورة مخيفة له.

طيب استمعوا معي إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام.. النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول: لو أنَّ الله هداني فيكون له شُكر.. وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة أو في الجنة فيقول: لو أنَّ الله هداني فيكون عليه حسرة) ماذا نستنتج من هذا الحديث؟ أن كل إنسان الله كتب له مقعداً من الجنة ومقعداً من النار.. وهداك النجدين فأنت بعملك إما أن تصل إلى النار أو إلى الجنة.. ولكن مقعدك في الجنة موجود فالكافر يرى مقعده من الجنة أولاً أو في الجنة يعني عندما يموت أو نبدأ لحظات أو غمرات الموت يرى مقعده من الجنة فيفرح.. ثم يرى مقعده من النار فيكون عليه حسرة.. يقول: لو أن الله هداني.. لو أنني فعلت كذا.. لحظات حسرة.. تَمُر لحظات الحسرة على هذا الكافر أو المُلحد أو الغافل.. بينما المؤمن بعد أن يرى مقعده من النار يحمد الله.. الحمد لله أن الله هداني وأنقذني من هذا المصير الأسود.

إذاً الإنسان يرى ويسمع ولكن المؤمن يرى أشياء جميلة.. يرى مقعده من الجنة.. يتمنى لقاء الله.. الكافر عكس ذلك تماماً.. الدراسات الحديثة كشفت أن الميت يسمع كل ما يدور حوله وربما تكون قوة سماعه أكبر من الإنسان الطبيعي لأن منطقة الاستماع لديه في الدماغ تتوهج وتنشط منذ أول لحظة الموت إلى ساعات.. فإذاً الميت يسمع خبر وفاته كما قال الدكتور سام باميا في دراساته التي يُجريها حول ما يسمى بتجارب الاقتراب من الموت.

طيب لماذا الله أعطاه قوة السمع للميت؟ أعطاه قوة السمع أولاً إذا كان مؤمناً يطمئن على من حوله (يأنس بهم).. لذلك الصراخ على موت المؤمن شيء عذاب له والبكاء الشديد.. النبي كان يحزن ولا يقول إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى.. بالنسبة للكافر.. الكافر طبعاً يسمع ويتحسر وهو ميت يتحسر أنَّه ليس موجوداً في هذه الدُّنيا.. كيف انتهت هذه الدُّنيا؟ ولا يستطيع أن يعود لها هو محبوس داخل جسده.

لذلك نصيحتي لكل إنسان: كل يوم تذكَّر لحظة الموت.. برنامج يومي وبخاصة قبيل النوم.. النبي كان يتذكَّر لحظة الموت لذلك كان يُسَلِّم نفسه لله وكان يقول: (اللهم إن أمسكت نفسي) يعني إذا توفيتني (فارحمها وإن أرسلتها) يعني أعدتني للحياة (فاحفظها) وعندما كان يستيقظ أول شيء كان يقوله: كان يحمد الله على نعمة عودة النفس له.. يقول: (الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُحيينا على الإيمان وأن يُحيينا وهو راضٍ عنا ويتوفانا وهو راضٍ عنا إن شاء الله جميعاً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


بقلم عبد الدائم الكحيل

 

يمكنكم مشاهدة هذه الحلقة

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك