» الشفاء بالقرآن

أربع كلمات لعلاج الخوف فوراً

أربع كلمات حقيقةً تكفي كعلاج لأعتى أنواع المخاوف {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36] أربع كلمات فقط.. فكر فيها جيداً.. استيقن أن الله يكفيك كل شر يمكن أن يحدث..

بسم الله الرحمن الرحيم.

{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:36].. هذه الآية حقيقةً استوقفتني.. أحببت أن أتوقف معها بالتأمل والتدبر لأنها مناسبة لعصرنا هذا (عصر الخوف).. للأسف كل شيء من حولنا للأسف يدعونا للخوف: إذا ضرب زلزال في منطقة تجد الإعلام العالمي يعمل على تخويف الناس.. فيُسارع كل واحد للتفكير كيف يحمي نفسه؟ ماذا لو أصابه الزلزال؟ ماذا لو فَقَدَ حياته؟ كيف يحافظ على نفسه؟ على ماله؟ على أولاده؟ على بيته؟ على تجارته؟… إذا حدثت كارثة في مكان ما يبدأ الإعلام بالتضخيم لهذا الحدث ليخوف الناس أكثر.. إذا انتشر فيروس أو وباء كل يوم يخرجون بأخبار مليئة بالخوف.. تجعلنا نخاف على حياتنا وكأن هدف الإنسان هو فقط أن يعيش ليس لديه هدف آخر.

{وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:36].. الخوف الحقيقي يجب أن يكون من الله سبحانه وتعالى.. يجب أن يكون من عذاب الله.. يجب أن يكون من الآخرة (أن نحذر الآخرة).. يجب أن يكون خوفنا من نار جهنم والعياذ بالله أما هذه الدنيا فهي هالِكة.. فانية مهما عشت ومهما جمعت سوف تهلك.. الله تعالى يقول: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88] سبحانه وتعالى.. ما دمنا وضعنا هذه الحقيقة أمامنا إذاً ينبغي ألا نخاف.. ينبغي أن نستعد للآخرة هذا هو حال الإنسان الذي يريد أن يعيش حياة مطمئنة أن يستعد للآخرة.

أربع كلمات حقيقةً تكفي كعلاج لأعتى أنواع المخاوف {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36] أربع كلمات فقط.. فكر فيها جيداً.. استيقن أن الله يكفيك كل شر يمكن أن يحدث.. استيقن أن الله قادرٌ على أن يكفيك همّ الرزق.. أن يكفيك همّ المرض.. أن يكفي أولادك من بعدك… يعني يجب أن تكون في حالة ثقة تامة أن هذا الإله العظيم بيده كل شيء.. يجب أن تُحدد نظرتك للحياة.. مَن الذي يتحكم بالكون؟ يجب أن تُقرر هذا في دماغك لكي تعيش حياة مطمئنة.. حياة هادئة.. حياة فيها شيء من السعادة وليست حياة مليئة بالمخاوف.. مَن الذي يحكم ويتحكَّم بكل شيء من حولنا؟ يجب أن تعتقد وتستيقن أن الذي يتحكَّم بكل شيء هو واحد أحد سبحانه هو الله.. الله هو الذي يقرر حركة كل ذرة في الكون.. حركة يدي هذه التي أحركها أنا الآن مقررة عند الله في كتاب مبين {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام:59] كل شيء عند الله.. {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:38].

إذاً ما دام الله هو المتصرف لماذا أنا أخاف من فلان وفلان؟ لماذا أخاف من كارثة قد تقع هنا أو هناك؟ ما دامت أي كارثة لا يمكن أن تقع إلا بإذن الله وما دُمت أنا وأنت لن نموت إلا بتوقيع من الله وختم من الله.. احفظ هذه الآية رجاءً: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران:145] يجب أن يصدر الأمر والإذن من فوق (من الله عز وجل).. {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران:145] {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد:38] إذاً أنا كتاب الأجل الخاص بي وبك موجود ومكتوب ومحفوظ ومفصل عند الله تبارك وتعالى.. مهما فعلت لن تستطيع أن تغير أي شيء.. {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد:38] {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:185] انظر الله يريدك ألا تفكر كثيراً بالموت.. فكِّر بما بعد الموت.. الموت هو مرحلة انتقالية فقط {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:185] تفكر بحياة هي فانية {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن:26] زائلة.. لا تساوي شيئاً .. فكِّر ماذا ستفعل بعد الموت؟ لم تمت اليوم ستموت غداً أو بعد غد أو بعد مئة سنة… ستموت {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن:26].

لذلك اليوم أنا أحببت أن تضع في أعماق نفسك قناعة راسخة من أربع كلمات {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36].. وأربع كلمات أيضاً تضعها هنا في الجانب الآخر {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:36].. إذاً الخوف يأتي من غير الله.. الله لا يخوف.. الله يخوفك من الآخرة ليحفظك ويريد لك النعيم.. فيخوَّفك من جهنم لكي يُنقذك منها.. أحدنا يخوَّف ابنه من شر الطريق لكيلا تصدمه سيارة مثلاً.. يخوِّفه من شر الليل لكيلا يتعرض لسرقة أو حادث مثلاً… تماماً الله عز وجل ولله المثل الأعلى يخوِّفك من العذاب {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر:16] لكي تتجنب هذا المصير (مصير العذاب والألم والأسى والذل والهوان).. يريد لك جنات تجري من تحتها الأنهار.

لذلك {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36] وهنا الآية بدأت بصيغة السؤال.. لماذا؟ لأنك ينبغي أن تعتقد بالفعل أن الله يكفيك.. يعني أنت تعترف أن الله خلقك وأن الله هو الذي يرزقك وتعترف أن الله هو مالك الملك وتعترف أن كل ذرة من حولنا خلقها الله ويتحكم بها الله.. طيب بعد كل وأنت ترى أمامك كيف يرزق الله الطيور.. هناك طيور تحلِّق في السماء بالقرب من جبال الألب.. تبقى ستة أشهر وهي تطير في الجو.. تنام وتتغذى وهي طائرة (لا تحط على الأرض).. كيف ضَمِنَ الله لها الرزق وهي في الجو (معلقة في السماء)؟ هناك نمل أعمى تحت الأرض.. الله يرزقه.. هناك نباتات لا تتوقع كيف أن الله يرزقها.. تأكل حشرات مثلاً.. هناك أسماك في أعماق المحيط زوَّدها الله بإضاءة تسمى إضاءة حيوية وتستطيع أن تصعق فريستها بالكهرباء.. هيأ لها أساب الرزق لترى طريقها في هذه الظلمات وتكسب رزقها.. لم ينسها الله.. أنت الآن موقن بذلك.

طيب بعد كل ما تراه من حولك {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36]؟ يعني ألا يكفيك أن الله كفاك الشر وأنت جنين في بطن أمك؟ يعني أحدنا عندما كان عمره أسابيع في بطن أمه (في ظلمات الرحم).. كان يأتيه الرزق.. محاط هناك بأجهزة لضبط درجة الحرارة (درجة الملوحة).. العناصر التي يتغذى عليها بالضبط (نسبة الحديد والكالسيوم و…) كل هذا الأمر الله هيأه لك وأنت جنين صغير طولك واحد سنتمتر في رحم أمك.. كفاك الله كل الشرور التي يمكن أن تتعرض لها.. طيب بعد أن كبرت وقلت: يا رب ألا يكفيك الله؟ هل هذا الإله عاجز أن يكفي عبداً يقول: يا الله؟

لذلك احفظ هذه الآية.. ماذا ستخسر؟ هذه الآية في سورة الزمر.. سورة الزمر هي سورة عظيمة جداً من روائع السور في القرآن.. والقرآن كله عظيم: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36] كلما ضاقت بك الدنيا.. ضاق بك الرزق.. أحسست بالخوف.. كلما حملت هماً بسبب الذين يخوِّفونك من دونه.. هؤلاء الذين يخوِّفونك من المستقبل.. يخوِّفونك من النقص.. من المشاكل الاقتصادية.. من المرض.. يخوِّفونك من ظلم الآخرين.. يخوِّفونك من مجاعة قد تحدث {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36] ردد هذه الآية دائماً رددها (احفظها).. وتذكَّر مباشرةَ أن الذي يخوِّفك هو الشيطان {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] قمة السعادة ولله أن تخاف الله عز وجل.. سوف تشعر بسعادة عظيمة جداً لا يمكن وصفها لماذا؟

لأن خوفك من الله.. عندما تخاف من الله أنت تتقي بوجهك سوء العذاب.. أنت تتقي نار جهنم.. تضع بينك وبين جهنم وقاية من خلال طاعتك لله وخوفك من الله سبحانه وتعالى.. هذا الخوف من الله لماذا يُشعرك بالسعادة؟ لأنك تعلم أن الله رحيم وكريم وعليمٌ حكيم.. (عليمٌ بحالك.. حكيم ينزل كل شيء بمقدار) وتعلم أن هذا الإله عادل (لا يظلم) وتعلم أن هذا الإله الكريم لا ينسى أحدٍ من فضله وتعلم أن هذا الإله قادر أن يرزقك.. قادر أن يحفظك.. قادر أن يحميك.. قادرٌ أن يكفيك.

وبالتالي عندما تقول: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:36] إذاً لا تخاف.. لا تخاف من هؤلاء.. أقصى شيء يمكن أن نتخيله هو الموت.. طيب ماذا بعد الموت؟ لقاء الله سبحانه وتعالى.. والموت مكتوب ومقدر وكل واحد سيموت في اللحظة التي قدَّرها الله {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقعة:60].

إذاً هنا فريق من الناس يَضل لذلك قال تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد:33] هؤلاء الذين يخافون من الشيطان.. يخافون من الأوهام.. يخافون من فلان وفلان.. آخر ما يخطر ببالهم هو الله عز وجل مع العلم أن الله هو مالك الملك.. هو المتحكم بكل شيء.. والله عز وجل كتب عليك كل شيء.. هذه عقيدة مريحة جداً يعني أنا أرتاح جداً عندما أعلم أن كل شيء كتبه الله.. أرتاح.. لماذا أفكر بمرض؟ بنقص؟ بظلم؟ بأذى؟ بشيء؟ لماذا أفكر؟ لا كل شيء مقدَّر.. أنا مهمتي الآن أن أحمَدَ الله.. أستعد للقاء الله.. ألا أخاف إلا من الله سبحانه وتعالى.. أن أحفظ هذا الكلام لأن الله سيسألني عن هذا الكلام {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف:44].

لذلك أختم بهذه الآية احفظها رجاءً.. هي كلمات قليلة (سطر واحد فقط).. صدقني آية واحدة قد تغير حياة إنسان إذا فهمها جيداً.. إذا أدركها بعمق.. إذا أصبحت هذه الآية جزءاً من عقيدته وحياته وتفكيره ومنهجه وسلوكه {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:36].

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الخوف منه فقط.. أن نخاف من عقاب الله.. أن نتقي الله عز وجل وأن يُذهِب عنا وعنكم كل خوف إلا الخوف منه سبحانه وتعالى {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف:33].

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


بقلم عبدالدائم الكحيل

يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو :

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك