هذه الأسماك تقوم بهذا العمل منذ ملايين السنين أو مئات الملايين من السنين.. هي مُبرمجة على ذلك لم تتعلم هذا العلم من أحد ولم تتطور أبداً بأي طريقة.. هي مبرمجة لتقوم بذلك.. لذلك الله عز وجل يضع في الطبيعة مثل هذه المشاهد كدليل على وجوده..
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أحببت اليوم أن أتأمل معكم هذه السمكة الغريبة جداً التي علَّمها الله فن الزخرفة بشكل غريب جداً.. انظروا هذه السمكة تستخدم زعانفها القوية جداً لكي تُحدث ما يُشبه الكُثبان الرملية الصغيرة.. هذا الذَكَر يقوم ببناء عُش الزوجية.. يُريد أن يجذب إليه الأنثى.. ولكن الأنثى لا تأتيه هكذا.. تُريد أن ترى مهارة هذا الزوج في بناء البيت وتزينه ولكن بيت من الرمال.. الحقيقة ستُدهشون عندما ترون الصورة النهائية لهذه الزخرفة الرائعة جداً.
الآن يأخذ بعض الصَدَفات ليُزين بها هذه الكُثبان الرملية الصغيرة التي ستُشكل دائرة جميلة جداً.. مُتعرجة ولكن قياساتها دقيقة جداً.. هي دائرة دقيقة جداً ومن الناحية الهندسية محسوبة جيداً يعني هذا الذَكَر مهندس بارع.. يُريد أن يبني هذه الزخرفة لجذب الأنثى لأن الأنثى تنجذب للأشكال الجميلة.. انظروا كيف يقوم بعمل منخفضات ومرتفعات وأشكال تُشبه الكُثبان الرملية ولكن صغيرة تُناسب حجم هذه السمكة.. انظروا إلى هذا الشكل الرائع.. رسمه ذَكَر السمك هذا سبحان الله.. على أمل أن تأتي الأنثى لكي يتزاوجا في مركزها.. هنا في مركز هذه الدائرة الكبيرة.. انظروا كم حجمها والبعاد مُنضبطة تماماً.. انظروا هنا المركز والقياسات هنا دقيقة جداً وكأن لديه أدوات هندسية يرسم بها سبحان الله.
الآن بعد قليل عندما ترى الأنثى هذا الشكل الرائع فإنها ستنجذب وتعلم أن هناك زوجاً قادراً على التزاوج ولديه ذوق فني يعني أنا هذه الصور غريبة فعلاً.. أنا أراها يعني كيف قام ببناء هذه الدوائر المُنضبطة؟ والمسافات هي مسافات متساوية تماماً سبحان الله.. هو طبعاً في المركز سيتزوج من هذه الأنثى التي جاءت تتفقد وتنظر وترى وتُبدي رأيها بهذا البيت وهل هذا الزوج بالفعل لديه ذوق فني ولديه قدرة للبناء؟ طبعاً هذه الهندسة أيضاً أحد أهدافها أن يُبعد المفترسين عن أثناء عملية التزاوج لكيلا يُزعجه أحد ولحماية البيوض لأن الأنثى ستضع بيضها في الرمل ويقوم بتلقيح هذه البيوض لاستمرار النسل.. الآن هما يتغازلان ويتفاهمان على مشروع الزواج.
بعد قليل سيقربان من بعضهما ثم تقوم الأنثى بسرعة وخلال ثوانٍ معدودة بإفراغ ما لديها من بيوض في مركز هذه الدوائر ويقوم هو بهز زعانفه وجسده وإفراغ المادة التي سيُلقح بها هذه البيوض.. انظروا هذه عملية التزاوج سبحان الله عملية غريبة جداً.. عملية من أغرب العمليات في الطبيعة مجرد ثوانٍ من الاحتكاك.. هنا يضمر الزوج البيوض ويبقى في حراستها.. انظروا كيف يضمر هذه البيوض.. عملية التزاوج طبعاً تمت بسرعة.. يحتكان مع البعض بشكل غريب جداً.
أنا حقيقة مِن أغرب عمليات التزاوج في الطبيعة.. أنهُ يُمهد لهذه البيوض أولاً ثم يجعل الأنثى تُفرغ حمولتها من البيوض وبهذا الاحتكاك هو يُفرغ المادة التي لديه ليُلقح هذه البيوض سبحان الله.. ليستمر هذا النسل.
أنا أتسأل مَن الذي هيأ لهذه الكائنات رزقها؟ مَن الذي علَّمها هذه الطريقة في التزاوج؟ الطريقة اللطيفة جداً.. الطريقة التلامس الخفيف والاهتزاز.. مَن الذي علَّم هذه الأسماك أن تقوم بهذه الزخرفة؟ مع العلم أن هذه الزخرفة ستتلاشى يعني في اليوم التالي تيارات الماء ستجرفها وستختفي ولكن تبقى هناك علامات على موضع البيوض لأن هذه البيوض بعد فترة سيخرج منها أسماك جديدة وتستمر هذه العملية لمئات الملايين من السنين.. لمئات الملايين من السنين تستمر هذه العملية: الذكر يقوم ببناء هذه الدوائر ليتكاثر في مركزها والأنثى تجذبها هذه الدوائر فتأتي لتُتِم عملية التزاوج وإنتاج البيوض وتلقيحها ويقوم بحراستها ثم يعني تخرج أسماك جديدة.. دورة حياة مُعقدة جداً ورائعة جداً وتشهد على عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
انظروا كيف يُزين؟ يستخدم هذه الأصداف ليُزين رؤوس التلال التي صنعها.. عملية هندسية رائعة جداً.
هذه السمكة أو هذه الأسماك تقوم بهذا العمل منذ ملايين السنين أو مئات الملايين من السنين.. هي مُبرمجة على ذلك لم تتعلم هذا العلم من أحد ولم تتطور أبداً بأي طريقة.. هي مبرمجة لتقوم بذلك.. لذلك الله عز وجل يضع في الطبيعة مثل هذه المشاهد كدليل على وجوده.. دليل على قدرته في إبداع هذا الخلق {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} [الأنعام:101] صُنع الله الذي أتقن كل شيء {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل:88] وآية الرزق ضرورية أن نتذكرها لكل يائس وكل مهموم وكل من ضاق رزقه.. الذي رزق هذه السمكة قادر أن يرزق عبداً يقول: يا رب لذلك إياك أن تيأس.. سيدنا يعقوب عليه السلام مَكَث عشرات السنين ولم يفقد الأمل من إيجاد ابنه سيدنا يوسف {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87].
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعلمنا ما ينفعنا وألا يجعلنا أبداً من اليائسين بل من المُتفائلين ومن الفرحين برحمته {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بقلم عبدالدائم الكحيل
يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو :