» أسرار إعجازية

سِلسلة عالَم الغيب (2).. غَمَرات الموت والعرض على النَّار.

البرزخ هو مرحلة فاصلة دقيقة جداً كلّ واحد منّا سيَعبُره.. وقبل أن يعبر هذا البرزخ هناك غَمَرات الموت، يعني الثَّواني الأخيرة لك من الدنيا.. والتي تفقد الإحساس بكلّ من حولك وتبدأ رحلة الموت…..

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم.. الحمد لله ربِّ العالمين.. الصّلاة والسّلام على حبيبنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين..

أستكمل معكم الجزء الثَّاني من “سلسة عالَم الغيب”.. الحقيقة هذا الموضوع شائك جداً.. وكلّ واحد منّا بحاجة أن يتعلم عليه، لماذا؟

أنت إذا كان الديك لقاء مع مسؤول مهم.. رئيس، أو ملك أو شخص كبير.. وحددّ لك هذا الموعد بعد شهر مثلاً.. ماذا تفعل خلال هذا الشّهر؟ تجد نفسك أنَّك تستعد لهذا اللقاء؟ ماذا تطلب؟ ماذا تقول؟ ما الذي سيحدث؟ ماذا سيقدم لي هذا الملك مثلاً؟

هذا على مستوى مصغَّر جداً في الحياة الدنيا.. كيف وأنَّ كلّ واحد منّا سوف يلتقي مع رُسل الموت.. قضيَّة خطيرة جداً.. كلّ واحد منَّا بانتظاره ليس ملك موت واحد بل مجموعة من الملائكة.. مجموعة كبيرة جداً، قال تبارك وتعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ)[الأنعام:61]، سبحان الله!

(تَوَفَّتْهُ) من؟ (رُسُلُنَا) أيّ الملائكة، وكنّا توقفنا في لقاء سابق (الحلقة الأولى) عن غَمَرات الموت.. بعد أن تحدَّثنا عن البرزخ وأنَّه هو منطقة زمنيَّة وليست مكانيَّة.. يعني أنت عندما تَعبُر منطقة البرزخ بنفسك فقط.. نفسك وروحك، الجسد تتركه في الدنيا.. فإنَّك في هذه المنطقة تصبح في زمن آخر.. وفي حياة عالم آخر مختلف تماماً، نسميه ليس عالم البرزخ، بل عالم ما وراء البرزخ.

لأنَّ البرزخ هو مرحلة فاصلة دقيقة جداً كلّ واحد منّا سيَعبُره.. وقبل أن يعبر هذا البرزخ هناك غَمَرات الموت، يعني الثَّواني الأخيرة لك من الدنيا.. والتي تفقد الإحساس بكلّ من حولك وتبدأ رحلة الموت.

هذه اللحظات التي هي ليست ثانية.. بل أجزاء من الثَّانية هي غَمَرات الموت.. فيها أحداث كثيرة لأنَّ الله تبارك وتعالى صوَّرها لنا بطريقة مرعبة بالنِّسبة للكافر.. وحتَّى المؤمن يخشع.

الله تبارك وتعالى قال: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ)[الأنعام:93]، هذا اليوم يعني يوم الموت.. (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ)[الأنعام:93]، عذاب الذلّ يعني.. (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)[الأنعام:93]، إذاً موقف مرعب.. يجتمع في هذه اللحظة “غَمَرات الموت” ملك الموت.

الله تبارك وتعالى يقول: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ)[السجدة:11]، إذاً مَلَك الموت موجود في هذه اللحظة.. وسوف تراه.. وموجود أيضاً مجموعة من الملائكة.. بالمئات، بالآلاف، بالعشرات لا نعلم.. إنَّما هناك مجموعة من الملائكة.. رُسُل الله، (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا)[الأنعام:61]، (تَوَفَّتْهُ) واحد.. هو واحد، ولكن (رُسُلُنَا) مجموعة.. تصوَّر أنت في حالة الموت.. وتجتمع عليك هذه الأعداد من الملائكة.. طبعاً هنا ملائكة العذاب أو ملائكة الرَّحمة.

بالنِّسبة للظالم الآية تقول: (وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ)[الأنعام:93]، بالنِّسبة للظالم.

بالنِّسبة للمؤمن: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ)[النَّحل:32]، سبحان الله..

مباشرةً لحظة الموت.. يعني الجزء الأوَّل من الثَّانية الأولى من الموت.. يقال لك ادخل الجنَّة.. مباشرةً سبحان الله، أو (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ)[الأنعام:93]، ليس هنالك انتظار، طبعاً يوم البعث، والحساب، والنّشور، والصُّحف.. كلّها سنأتي على الحديث عليها.. والصّراط.. وسنثبت بشكل علميّ وجود هذه الأشياء إن شاء الله.

ولكن نحن الآن في المرحلة الأولى من مراحل الموت.. إذاً هذه المنطقة “غَمَرات الموت” سوف تجتمع عليك مجموعة من رٍُُسُل الله عزَّ وجلّ.. مع مَلَك الموت مع الموت نفسه.. يعني الموت نفسه سوف تراه.. الله تبارك وتعالى قال: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ)[المؤمنون:99]، إذاً الموت يتحرّك، ويأتي، ويذهب، ويحيط بك.. مخلوق.

والحقيقة لفت انتباهي كنت أقرأ بحث منشور على موقع “live science” عام 2017.. يقولون بالحرف الواحد: “قليلٌ من النَّاس يدركون أنَّّ الموت هو عمليَّة مثل الحياة.”

طبعاً هم لا يعترفون بالرّوح ولا.. ولا يعترفون بالحياة كحياة.. ولكن يُعرِّفون الحياة على أنَّها مجموعة من العمليّات الفيزيولوجيّة، فيزيائيّة وكيميائية، ومجموعة من العمليّات الحيويَّة.

تبيَّن لهم من خلال دراسة آلاف النَّاس الذين ماتوا.. قُبَيل الموت عندما درسوا ماذا يجري في أجسادهم.. تبيَّن للعلماء أنَّ الموت هو مجموعة من العمليّات الفيزيائيّة والكيميائيّة والحيويَّة.. تحدث مثله مثل الحياة.. يعني حتّى يقولون بالحرف الواحد “هو مثل الحياة”.. هو مخلوق.. يمكن أن نعبَّر عنه بلغتنا أنَّه “مخلوق”.. طبعاً هم لا يعترفون بالخلق.. يقولون كلّ شيء جاء عن طريق التطوَّر.

سبحان الله.. قلت إنَّ هذه المعلومة يجهلها الكثير بالفعل.. ولكنَّ القرآن لا يمكن أن يَجهل أو يتجاهل معلومة كهذه.

الله تبارك وتعالى يقول: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)[المُلك:2]، في بداية سورة الملك..(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ)[المُلك:2].. إذاً كما أنَّ الحياة مخلوقة..كذلك فإنَّ الموت مخلوق.. سبحان الله.

إذاً مرحلة غَمَرات الموت هي التي تحدِّد مصيرك أيُّها الإنسان.. إمّا إلى الجنَّة، وإمَّا إلى النَّار.. يعني منذ هذه اللحظة قبل الموت.. قبل أن تصبح في عالم ما وراء البرزخ.. لحظة الموت، أو في منطقة غَمَرات الموت.. يتحدَّد مصيرك، بل إمَّا أن يقال لك ادخل الجنّة أو ادخل النَّار.. ما الدليل على ذلك؟

الله تبارك وتعالى يقول عن المؤمنين: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ)[النَّحل:32]، الملائكة تخاطبهم.. إذاً هناك حوار وخطاب في هذه المرحلة.. مرحلة ما قُبَيل الموت.

(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النَّحل:32]، مباشرةً منذ الثَّانية الأولى وأقل طبعاً من الموت.. مجرَّد أنَّ الإنسان دخل في عالم الموت.. دخل الجنَّة مباشرةً.. لا يوجد فراغ أو منطقة لا شيء فيها.. مباشرةً.

ماذا عن الظالم؟ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ)[النَّحل:28]، في هذه اللحظة.. ما قُبَيل الموت.. نحن نتحدَّث عن مرحلة ما قبل الموت بأجزاء من الثَّانية.. عندما تَحضُر هذه الملائكة لتتوفّى نَفْس الظالم، أو المجرم، أو الملحد.. ما الذي يحدث في هذه اللحظة؟ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ)[النَّحل:28]، استسلموا.. لماذا يستسلم هذا الظَّالم عندما يرى قدرة الله..ويرى ملائكة العذاب تحيط به؟ يستسلم..يخضع.

(فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ)[النَّحل:28]، يكذبون على أنفسهم وعلى الله سبحانه وتعالى.. يستسلم هذا الظالم ثمَّ يقول: (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ)[النَّحل:28]، ينكر أعماله السيئة.

تردّ عليهم الملائكة مباشرةً: (بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ)[النَّحل:28-29]، سبحان الله.. انظروا تتابع الأحداث.. (بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)[النَّحل:28-29]، كلّ إنسان يستكبر ولو قليلاً هذا هو مصيره.. لا تظنّ أنَّ التكبر شيء سهل يمرّ.. الكبرياء صفة لله سبحانه وتعالى.. لا يشاركه فيها أحد.. فهو المتكبَِّر عزَّ وجلّ.

فإذا استكبرت أيُّها الإنسان.. فإنَّ مصيرك هذه الآية: (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ)[النَّحل:29]، إذاً أصبح لدينا مشهدين الآن.. (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ)[النَّحل:29]، وبالنِّسبة ل (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النَّحل:32]، إذاً دخول الجنَّة، ودخول النَّار يتحدَّد منذ اللحظة الأولى للموت.. بنصّ القرآن الكريم.

قد يقول قائل إنَّ هذه الآيات تتحدَّث عن يوم القيامة.. مع العلم أنَّ سياق الآية يتحدَّث عن لحظة الموت، لحظة الوفاة.. الآيات التي نستعرضها كلُّها تتحدث عن غَمَرات الموت.

(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ)[الأنعام:93]، لم يمت بعد هو في غَمَرات.. (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ)[الأنعام:93]، يعني اليوم، (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ)[النَّحل:29]، (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النَّحل:32]، كلُّها خطابات مباشرة لهذا الإنسان الذي مات الآن.. يعني منذ أقل من ثانية.

هناك دليل قويّ جداً على صدق ما نقول، من سورة يس، ذلك الرَّجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى.. (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)[يس:20]، هذا الرَّجل كان يحبُّ قومه، ويريد لهم الخير، فعندما هدّدوا الرُّسل الثَّلاثة الذين أرسلهم الله.. هدَّدوهم بالرَّجم والقتل حتَّى الموت..

جاء من أقصى المدينة يقول لهم: (يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ*اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ*وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ*أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ*إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ*إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)[يس:20-21-22-23-24-25]، في هذه اللحظة لم يتحملوا سماع كلمة الحق عندما صدع بها هذا الرَّجل الذي جاء من أقصى المدينة.

(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)[يس:25]، فقاموا بقتله على الفور.

ما الذي حدث؟ هذه الآية في سورة يس:(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)[يس:25]، عند كلمة (فَاسْمَعُونِ) قتلوه..

ما هي الآية التَّالية؟ (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ)[يس:26]، لا يوجد فاصل لا زمني، ولا فاصل مكاني، ولا أحداث ولا ثمَّ، مباشرةً لا حرف عطف، ولا ثمَّ، ولا فاء، ولا أيّ شيء.

(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)[يس:25]، مات.. (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ)[يس:26]، الجنَّة التي دخلها في الدنيا أم في الآخرة؟

في الدنيا، لماذا؟ لأنَّه وهو ميِّت بين أيديهم.. كجسد هو موجود لديهم، ولكن نفسه في الجنَّة.

(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ*وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ*إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً)[يس:26-27-28-29]، الآن بدأ الحديث عن الصَّيحة الواحدة.. (فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ*يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)[يس:29-30]، إنسان قتلوه.. نحن ربما نرثوا لحاله، ولكن هو مكرم عند الله.. في هذه اللحظة يقول.. يعني وهو على الرَّغم من أنَّهم قتلوه هو حَريص عليهم.. وهو ميِّت.. لحظة الموت.. (قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)[يس:26].

إذاً الميِّت يتكلَّم.. هذا دليل من القرآن.. الميِّت يستطيع أن يتكلَّم، وهناك حوار بين الميِّت وبين الملائكة عندما تأتي ملائكة العذاب.

الظالم، الملحد يقول: (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ)[النَّحل:28]، وتردُّ عليه الملائكة: (بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النَّحل:28]،  إذاً هذا دليل قويّ جداً جداً على أنَّ جنَّة المؤمن تتحدَّد لحظة الموت.. ونار الكافر تتحدَّد لحظة الموت..

(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ*قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)[يس:25-26]، هذا ليس يوم القيامة لأنَّ يوم القيامة سيكونون في النَّار.. ما الفائدة من قوله (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)[يس:26]؟

هل هنالك شخص في الجنَّة يخاطب أصحاب النَّار ويقول لهم:(يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)[يس:26-27]؟

تصوَّروا هذا المشهد.. هو جثَّة هامدة.. هذا الرَّجل المؤمن جثَّة هامدة.. ميِّت.. ولكنّ نَفسُه تتكلَّم، وتقول لهم: (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)[يس:26-27]، هذا هو مصير كلّ إنسان مؤمن.. هذه هي الحياة التي تنتظرك أيُّها المؤمن.. انظر كم العمل الصَّالح، والصَّبر.. كم هو أمر عظيم جداً.. إذا كانت نتائجه بهذا الشَّكل.

لذلك أختم عند هذا الحد.. وسوف نستكمل إن شاء الله حقائق كثيرة جداً عن الموت وما بعد الموت.

والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


بقلم عبد الدائم الكحيل

 

 

يمكنكم مشاهدة هذه الحلقة

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك