» أسرار إعجازية

العلاقات الطيبة تزيد الإنتاج في العمل

أجواء العمل الجيدة من شأنها تحسين الأداء، هذا ما تؤكده دراسة أمريكية بريطانية حول أهمية العلاقات الطيبة، ولكن ماذا عن ديننا الحنيف؟ لنقرأ….

أشارت دراسة حديثة إلى أن التواصل الاجتماعي والعلاقات الطيبة بين الزملاء في العمل يمكن أن يزيد إنتاجية العامل الأقل كفاءة، وهذا يؤدي إلى آثار إيجابية على المؤسسات، حيث أن الحوافز الاجتماعية لا تقل في الأهمية عن الحوافز المالية.

فقد أظهرت الدراسة التي أجراها معهد “مستقبل العمل” في مدينة بون الألمانية، أن الشركات التي تقوم بتوظيف عمال يرتبطون معا بعلاقات صداقة طيبة تحقق إنتاجاً أفضل مقارنة بغيرها من الشركات الأخرى. وأكدت الدراسة، التي أُعلن عنها في 26 مايو/أيار 2009 وقام بإعدادها علماء من جامعات أمريكية وبريطانية، أن العاملين من أصحاب الأداء الضعيف يمكن أن ترتفع قدرتهم الإنتاجية. فمن الممكن أن ترتفع قدرتهم هذه إلى نسبة قد تصل إلى 10 في المائة، وتجعلهم قادرين على العمل بفاعلية أكبر إذا تواجد أصدقاؤهم في محيط عملهم.

الدراسة ُأجريت على العاملين في إحدى الشركات البريطانية المتخصصة في زراعة الفاكهة. وفي الوقت ذاته أشارات الدراسة في المقابل إلى تراجع أداء الموظفين من ذوي الإنتاجية العالية والذين يحتكون بشكل مباشر أثناء عملهم بزملاء أضعف منهم في الأداء. بيد أنها خلصت إلى أن المحصلة النهائية بالنسبة للشركات والمؤسسات، التي يعمل فيها هذان النوعان من الموظفين كانت إيجابية.

أجرى الباحثون الأمريكيون والبريطانيون تجربتهم على العاملين في إحدى الشركات البريطانية المتخصصة في زراعة الفاكهة، حيث قاموا في البداية بسؤال العاملين ذوي الأداء الضعيف عن زملاءهم الذين يرتبطون معهم بعلاقات طيبة، ثم قاموا بتغيير جدول العمل بشكل يسمح لهؤلاء العاملين بالعمل سويا في أيام بعينها. وبشكل غير متوقع جاءت هذه النتيجة ومفادها أن العاملين أصحاب الأداء الضعيف قد زاد إنتاجهم بنسبة 10 في المائة خلال تلك الفترة مقارنة بفترات أخرى لمجرد وجودهم في محيط زملاءهم، الذين يرتبطون معهم بعلاقات جيدة. بينما قلَّت سرعة العاملين الأكثر كفاءة في العمل بما يقارب هذه النسبة نظراً لتكيفهم مع الأداء المنخفض لزملائهم.

ويرجع الخبراء هذه الظاهرة إلى أن السعادة في أجواء العمل من شأنها تحسين الأداء، إذ يتحسن الأداء الإنتاجي للعمال ذوي الأداء الأضعف نتيجة للقرب المكاني بين زملاء يرتبطون معهم بعلاقة ودّ وصداقة. ويمكن للشركة التي تقوم بتشغيل موظفين تربطهم علاقات صداقة أن تحقق زيادة تقدر بحوالي ثلاثة في المائة في مبيعاتها.

 

خلصت الدراسة إلى أن التواصل الاجتماعي داخل مكان العمل من شأنه التأثير بشكل إيجابي على المحصلة النهائية لإنتاج الشركة. ومع أن هذه النتائج لا يمكن تطبيقها على كل شركة أو مؤسسة، إلا أن الدراسة توضح أن الحوافز الاجتماعية لا تقل أهمية عن الحوافز المالية وتلعب دوراً مهما في زيادة الإنتاجية.

والآن إلى تعاليم ديننا الحنيف نوجزها في نقاط:

1- أكد الإسلام على أهمية العلاقات الطيبة بين الناس، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13].

2- آيات كثيرة تأمرنا أن نبني علاقات طيبة مع الآخرين، مثلاً يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) [الحجرات: 12].

3- المؤمن أخو المؤمن: هذا حديث نبوي عظيم، فقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العلاقات بين المؤمنين يجب أن تكون علاقات أخوة، وهذا أعلى مستوى من العلاقات الطيبة، ولذلك قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات: 10].

4- لقد أمرنا الله بالإحسان وهذا من أرقى العلاقات الإنسانية أن يحسن الإنسان للآخرين، فيعفو عمن ظلمه، ويتجاوز عمن أساء له، يقول تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195].

5- أمرنا أن نعفو عن الآخرين ونصفح عنهم، يقول تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور: 22]. وكذلك أمرنا بأن نتعاون على البر والتقوى…

6- أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان مثالاً للعلاقات الطيبة، فلم يكن يغضب إلا أن تنتهك حرمة من حرمات الله، ولم يكن يشتم أو يضرب أو يتكبر، وكان يساعد الآخرين بل كان يقول: (من نفَّس كربة عن مسلم نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)…

7- وفي حديث عظيم اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة هو “حسن الخلُق” بل قال: (إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)..

فانظروا معي إلى هذه التعاليم التي تهدف لبناء أفضل وأرقى أنواع العلاقات الإنسانية داخل العمل وخارجه.. ولذلك لو أننا نقوم بدراسة مشابهة لتأثير تعاليم الإسلام على الإنتاج في العمل، ونقدمها للعالم لينظر إلى عظمة هذا الدين وتأثير تعاليمه القوية.

ــــــــــــ

بقلم عبد الدائم الكحيل

المراجع

(www.dw-world.de)

تحميل كتب الإعجاز العلمي

صفحتنا الجديدة على فيس بوك